ولا بد أن نعلم أن الخطأ في كتب الأنساب ليس كغيره من الأخطاء فالرد على هذا الخطأ الواقع في الكتب جهلاً أو خطأ أو عمداً يُعدُّ من أجل الأمور في هذه العصور وهو مقصد مشروع غير ممنوع لا ينبغي للإنسان أن يتردد في بيان هذا الخطأ والردعليه بالطرق العلمية الشرعية
-
ومازال أهل العلم قديماً وحديثاً ينقد بعضهم بعضاً والمكتبات طافحة بكتب النقد والردود في مختلف العلوم العلمية والشرعية ولم يقل أحدٌ منهم أنا فوق النقد أو أنا لا أُخطئ ولابد أن يعلم كل مصنف منصف أن من ألف فقد استُهدف!
ومما ورد عن أهل العلم في هذا الشأن:
قال العتابي: من صنع كتاباً فقد استشرف للمدح والذم فإن أحسن فقد استهدف للحسد والغيبة وإن أساء فقد تعرض للشتم واستقذف على كل لسان.
قال هلال بن العلاء: يستدل على عقل الرجل بعد موته بكتب صنفها وشعر قاله وكتاب أنشأه.
قال الخطيب البغدادي: من صنف فقد جعل عقله في طبق يعرضه للناس.
قال أبو محمد بن حزم: ((وإنما ذكرنا التآليف المستحقة الذكر والتي تدخل تحت الأقسام السبعة التي لا يؤلّف عاقل إلاّ في أحدها وهي: إما شي لم يسبق إليه يخترعه أو شيء ناقص يتمّه، أو شيء مستغلق يشرحه، أو شيء طويل يختصره دون أن يخلّ بشيءٍ من معانيه، أو شيء متفرّق يجمعه، أو شيء مختلط يرتّبه، أو شيء أخطأ مؤلّفه يصلحه)) ().
قال يحيى بن خالد البرمكي: ((ثلاثة أشياء تدلّ على عقول أربابها: الهدية، والكتاب، والرسول)) ().
قال ابن المقفّع: ((مَن وضع كتابًا فقد استُهدِف فإن أجاد فقد استُشرِف، وإن أساء فقد استُقذِف)) ().
و المنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه
والسعيد من عدت غلطاته وما اشتدت سقطاته
وقيل: أيضاً:لو كانت للكلمات أجنحة فطارت لتعود على أعشاشها القديمة التي انطلقت منها لما بقي في كتبنا إلا أقل القليل.
قال محمد بن عبد الملك بن عبد الحميد أبو عبد الله الفارقي:
إذا أفادك إنسان بفائدة ***** من العلوم فأدمن شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحة **** افادنيها والق الكبر والحسدا
وآخر هذه الكتب كتاب الإيضاح والتبيين للأوهام الواردة في كتاب (طبقات النسابين) تأليف محمد آل رشيد
وقد بذل المؤلف جهداً مضنيا في تعقب الشيخ بكر أبو زيد وواضح أن آل رشيد قد نخل الكتاب نخلاً فلم يترك شاردة ولا واردة إلا وذكرها حتى وصل به الحال تعقب طبعات الكتب التي أحال عليها الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله وشفاه وأرقام الصفحات وأسماء الكتب في شيء لم أجده إلا في المناقشات الأكاديمية المنهجية
- وكما يقال عين الناقد بصيرة!
ويقال إن من يكتب يكتب بعين واحدة ومن ينقد ينقد بعينين! وأجزم أن المؤلف جلس شهوراً وهو يتتبع الكتاب حتى جاء الكتاب قريباً من الكتاب الأصل (طبقات النسابين) في حجمه وربما زاد عليه في شيء نادر لم أجده إلا عند آل رشيد وفقه الله ونرجو من الأخ الفاضل الشيخ آل رشيد أن يكمل المسيرة ويتتبع كتب الأنساب المطبوعة المعاصرة وأجزم أنه سيجد ما يستحي منه الفرد ويخجل منه العبد!
20 - المتفق والمفترق في الأنساب
من القواعد والضوابط المهمة التي ينبغي للنسابة والناظر في الأنساب ملاحظتها (مسألة المتفق والمفترق) وما أكثر التصحيف والتحريف الناتج عن قلة الاطلاع في هذا العلم ولذلك نشط المحدثون والنسابة في تصنيف الكتب والمصنفات في هذا الجانب فجزاهم الله خيراًومن أشهر الكتب القديمة (المؤتلف والمختلف) للدار قطني (والإكمال) لابن ماكولا والذيل لابن نقطة (والمتفق والمفترق) للخطيب لبغدادي
وآخر المصنفين النسابة البحاثة عاتق البلادي وقد أفاد وأجاد وأمتع وأشبع في هذا الجانب
في كتابه (معجم القبائل العربية) المتفقة اسماً والمختلفة نسباً أودياراً
والمقصود هو (الأنساب التي تتفق في الاسم والخط والنطق وتفترق في المسمى والمسميات)
وهو في الأصل من علوم الحديث ودائماً يحصل تداخل بين علم الحديث وعلم الأنساب
كما سوف أفصل هذا الأمر قريباً إن شاء الله
وينقسم (المتفق والمفترق)
إلى أنواع 1 - من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم
مثل الخليل بن أحمد ستة رجال سموا بذلك
2 - أن تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم وأسماء أجدادهم نحو:
أحمد بن جعفر بن حمدان
3 - أن تتفق الكنية والنسبة معاً
5 - أن يتفق الاسم واسم الأب والنسبة
¥