تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمدائني وابن شبّه والأصمعي والهيثم بن عدي وعروة بن الزبير وغيرهم، إلا ما استوعبته بعض المصنفات الموسوعية كتاريخ الطبري مثلاً؟

ومن هنا ينبغي الرجوع إلى الأمر المعلوم المحقق للخروج من الشبهات والتوهمات، إذ إن الموهوم لا يدفع المعلوم، و المجهول لا يعارض المحقق فشخصية ابن سبأ وجماعته حقيقة تاريخية يتفق عليها كثير من المصادر المتقدمة غير البلاذري.

جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همذان المتوفى عام (83هـ/702م) وقد هجى المختار وأنصاره من أهل الكوفة بقوله:

شهدت عليكم أنكم سبئية وأني بكم يا شرطة الكفر عارف (23)

وجاء ذكر السبئية في كتاب» الإرجاء «للحسن بن محمد بن الحنفية المتوفى عام (95هـ/713م)، الذي أمر بقراءته على الناس وفيه:» ... ومن خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هدينا لوحي ضل عنه الناس «(24).

وفي الطبقات لابن سعد المتوفى عام (230هـ/844م) ورد ذكر معتقدات السبئية وأفكار زعيمها، فعن عمرو بن الأصم قال: قيل للحسن بن علي: إن أناساً من شيعة أبي الحسن علي عليه السلام يزعمون أنه دابة الأرض، وأنه سيبعث قبل يوم القيامة، فقال كذبوا، ليس أولئك شيعته أولئك أعداؤه، لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه ولا أنكحنا نساءه ... «(25). علماً بأن ما ذكر في هذا النص لا يخرج عما جاء به ابن سبأ من آراء، وأكده علماء الفرق والنحل والمؤرخون في كتبهم (26).

وتحدث ابن حبيب المتوفى عام (245هـ/860م) عن ابن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات (27)، كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم المتوفى عام (253هـ/859م) خبر إحراق علي رضي الله عنه لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه» الاستقامة «(28).

وفي» البيان والتبيين «للجاحظ المتوفى عام (255هـ/868م) رواية تشير إلى عبد الله بن سبأ (29)، كما ذكر الجوزجاني المتوفى عام (259هـ/873م) وهو من علماء الجرح والتعديل، أن من مزاعم عبد الله ادعاءه أن القرآن جزء من تسعة أجزاء، وعلمه عند علي، وأن علياً نفاه بعد ما كان هم به «(30).

ويقول ابن قتيبة المتوفى عام (276هـ/889م) في» المعارف «:» السبئية من الرافضة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ «(31).

ويذكر البلاذري المتوفى عام (279هـ/892م) ابن سبأ في جملة من أتوا إلى علي رضي الله عنه يسألونه عن رأيه في أبي بكر وعمر، فقال لهم: أوتفرغتم لهذا؟ وحينما كتب علي الكتاب الذي أمر بقراءته على أنصاره كان منه عند عبد الله بن سبأ نسخة عنه فحّرفها «(32).

وأورد الناشيء الأكبر المتوفى عام (293هـ/905م) عن ابن سبأ وطائفته ما يلي:» وفرقة زعموا أن علياً عليه السلام حي لم يمت، وأنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، وهؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء، يهودياً ... وسكن المدائن «(33).

ثالثاً السبئية في المصادر وليست للذم والتعيير فقط:

بعد أن ذكر المؤلف نصوصاً نثرية وشعرية ورد فيها ذكر السبئية، قال:» وبناءً على هذا فلا يمكن الاستنتاج من النصوص السابقة أن السبئية تعني فئة لها هوية سياسية معينة، أو مذهب عقائدي محدد، ولكن المؤكد أنها عندما تطلق على قوم يقصد بها الذم والتعيير «(34).

إن هذا الاستنتاج للباحث لا يخلو من المغالطة والتمويه، فهو يحاول جاهداً التشكيك في السبئية إلى حد جعله يتأولها مجرد كلمة تستعمل للسب والذم!!

إني لأكاد أدهش حين يقول ذلك، وهو نفسه يذكر نصاً شعرياً للفرزدق (35) فيه إشارة واضحة إلى ابن سبأ اليهودي الأصل، الهمداني اليمني المنشأة.

تعرف همدانية سبئية وتكره عينيها على ما تنكرا

ولو أنهم إذا نافقوا كان منهم يهوديهم كانوا بذلك أعذرا

على أن وجود عبد الله بن سبأ وارتباط السبئية به مما أطبقت عليه المصادر، فذكرته كتب التاريخ والحديث والطبقات والرجال والأنساب والأدب واللغة، وجزم بذلك علماء الفرق والمقالات.

فقد نقل القمي المتوفى عام (301هـ/913م) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة، وتبرأ منهم وادعى أن علياً أمره بذلك (36).

وأما الإمام الطبري المتوفى عام (310هـ/922م) فقد أفاض في تاريخه في ذكر أخبار ابن سبأ ومكائده معتمداً على روايات الإخباري سيف بن عمر التميمي عن شيوخه (37).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير