وقولهم إن عدد سكان مدينة الثورة في بغداد ـ وفيها غالبية شيعية ـ يساوي مليونين ونصف المليون؛ ورغم صفاقة هذا القول الواضح من حيث إنه يعني أول ما يعني أن أهل الثورة وحدهم يساوون أكثر من نصف سكان مدينة بغداد؛ وهذا واضح البطلان ـ لكنه شائع إلى حد التصديق. أما الحقيقة فإننا نجدها في إحصائية وزارة التجارة لحساب الحصص التموينية لعام 2002م إذ يتبين من خلالها أن عددهم حوالي (900.000) علماً أن هذا العدد لا يمكن التلاعب به بالناقص؛ لأنه متعلق بحساب الحصة التموينية الخاصة بكل فرد مع احتمال تزويره بالزيادة، ولا سيما أن أهل الثورة معروفون بإتقانهم لعمليات التزوير، وسوق (مريدي) شاهد حي على ذلك.
فإذا رجعنا بالعدد إلى عام 1996م - وهي الإحصائية التي اعتمدناها في حسابنا في هذا البحث - وأخذنا بالاعتبار وجود نسبة لا بأس بها من أهل السنة في مدينة الثورة، مع احتمال تزوير الرقم بالزيادة وهو احتمال وارد جداً - فإن هذا الرقم (900.000) سيقل كثيراً. ومن الأقوال التي يشيعونها بلا تردد أن نسبة الشيعة في المملكة العربية السعودية 25% وهكذا.
? عدد زوار كربلاء مقارنة بعدد حجاج مكة المكرمة:
الواقع أن التشيع مذهب يقوم على الإشاعة والإعلام. وقد تزعج هذه المقولة الكثيرين رغم أني لا أريد إزعاجهم، ولكن ماذا أفعل إذا كانت هي الحقيقة؟ ولهذا قيل: إن الحقيقة مرة.
وإلى هؤلاء الذين قد ينزعجون أسوق هذا المثل الواقعي الصارخ، فليقرؤوه ثم بعد ذلك سيدرك من يبغي الحق ويطلب الحقيقة من هو الأوْلى بالانزعاج.
في زيارة (الغدير) أو (أربعينية الحسين) يعطي الشيعة أرقاماً مذهلة عن عدد الزوار تصل أحياناً إلى اثني عشر مليوناً (12.000.000) مع أن الشيعة كلهم في العراق لا يصل عددهم إلى عشرة ملايين، والمقل منهم يتواضع لينزل بالعدد إلى أربعة أو خمسة ملايين. وإذا جئنا لنقرأ الحقائق بمنطق العقل والواقع، وأجرينا مقارنة بسيطة بين مدينة مكة المكرمة وبين مدينة كربلاء فإننا نجد أن مكة المكرمة على سعتها وامتدادها وكثرة مبانيها وعماراتها، والأرض الفسيحة التي تمتد في الصحراء المترامية الأطراف حولها، وتطور خدماتها المذهلة، وكونها مدينة عالمية، وهي بمثابة قلب العالم الإسلامي ومهوى أفئدة المؤمنين جميعاً في العالم كله تكاد تختنق بأعداد الحجاج وتحدث ـ نتيجة زحامهم ـ مشاكل كثيرة كل عام وبعضهم يكاد أن يسحق أو يختنق، ولا يمر موسم دون احتمال هذه الحوادث التي قد تصل إلى فقدان الأرواح، ومع هذا كله فإن عدد الحجاج كل عام لا يزيد على مليونين (2.000.000) إلا قليلاً وقد يقل عن ذلك أحياناً؛ فكيف يصدِّق عاقل أن كربلاء تلك المدينة الصغيرة ذات الأزقة الضيقة، والفنادق الصغيرة القليلة، والبنايات المتواضعة، والخدمات البسيطة يستوعب مركزها أربعة ملايين أو أكثر أو أقل؟ علماً أن زوارها طيلة السنين الماضية يقتصر عادة على أهل العراق وعلى الشيعة منهم فقط؛ بينما يقصد الحجاج مكة المكرمة من كل فج وصوب من أكثر من خمسين دولة إسلامية، وعشرات بل مئات الدول الأخرى سنة وشيعة، وهؤلاء جميعاً لا يتجاوز عددهم المليونين إلا قليلاً.
والمزعج في هذا كله أن بعض الشيعة يتجرأ ليفتخر قائلاً: (إن زوار كربلاء هذا العام اكثر من حجاج بيت الله الحرام) علماً أننا بتنا نسمع مثل هذا جهاراً نهاراً في كل عام.
? المنتسبون إلى البيت العلوي:
خذ مثلاً آخر: كثرة المنتسبين إلى البيت العلوي أو من يسمون أنفسهم ويلقبونها بـ (السادة) كم يبلغون عدداً في العراق وإيران فقط؟ إنهم لا يقلون عن خمسة ملايين؛ والآن نسأل كم عدد رجال العرب أيام سيدنا علي رضي الله عنه؟ لا شك أنهم لا يقلون في كل الأحوال عن مائة ألف (100.000) فإذا كانت ذرية واحدة من هؤلاء المائة الألف الذي هو علي ـ رضي الله عنه ـ قد بلغت خمسة ملايين فكم ينبغي أن تبلغ ذرية هؤلاء جميعاً؟
والجواب يتبين علمياً من ضرب خمسة ملايين بمائة ألف.
أتدري كم هو الناتج؟
إنه يعادل عدد سكان العالم اليوم مائة مرة، وعدد سكان الصين الشعبية أربعمائة مرة.
وإذا لم تصدق فتأكد بنفسك من صحة هذه العملية الحسابية:
100.000 * 5.000.000 = 500.000.000.000
هل تعلم أن عدد العرب في العالم كله اليوم لا يزيد على ربع مليار؟ وقس على ذلك!
إذاً لا تنزعج وتلُمْ إن قلت لك:
إنك تعيش عالماً من الأوهام، أو عالماً هو عبارة عن خدعة كبيرة رسختها في ذهنك وسائل الإشاعة والإذاعة والإعلام، وأنك في أوهامك لا تختلف عن الصيني والياباني مثلاً وهو يعيش أوهام عقيدته البوذية.
? أخيراً:
نصيحتي إلى إخواننا من الشيعة أن يعوِّدوا أنفسهم تقبُّل الأشياء كما هي، وأن يوطنوها على التعامل مع الحقائق والوقائع كما هي في الواقع، وأن يدركوا الفرق الشاسع بين أن تعيش أمانيك، وحقك في أن تتخيلها كما وكيف تشاء، وبين أن تفرض هذه الأماني والخيالات على الآخرين؛ فإن هذا ليس من حقك، وإن كثيراً مما يزعج هو من حق الآخرين، وإن علينا أن نتقبله ونتعايش معه؛ فإن العالم مليء بالمزعجات والمنغصات.
=================================
(*) وهذه سياسة الإعلام النازي على لسان وزير دفاعه (غوبلز) الذي عُرف بسياسة: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس.
(*) يحاول بعض الناس نفي الخلافات الجذرية بين الطائفتين لكن وجودها حقيقة يعرفها العلماء، وكانت محل دراسات وأبحاث كثيرة من علماء السنة. انظر على سبيل المثال لا الحصر كتاب (الشيعة والسنة) للشيخ إحسان إلهي ظهير وأكدها أحد علماء الشيعة الدكتور موسى الموسوي في كتابه القيم (تصحيح التشيع) وهذا ليس مجاله هذا المقال.
(موسوعة مجلة البيان:
العدد 218* شوال 1426هـ *نوفمبر / ديسمبر 2005م)
¥