تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قيل له: أنت طالب فتنة لأنك تبحث عما يضرك ولا ينفعك ولو اشتغلت بإصلاح ما لله عز وجل عليك فيما تعبدك به من أداء فراضه واجتناب محارمه كان أولى بك وقيل له ولاسيما في زماننا هذا مع قبح ما قد ظهر فيه من الأهواء الضالة - فما يقول رحمه الله لو رأى ما يحدث ويقال في زمننا هذا -.

وقيل له: اشتغالك بمطعمك وملبسك من أين؟ هو أولى بك، وتمسكك بدرهمك من أين هو؟ وفيم تنفقه؟ أولى بك.

وقيل: لا نأمل أن تكون بتنقيرك وبحثك عما شجر بين القوم إلى أن يميل قلبك فتهوى ما يصلح لك أن تهواه ويلعب بك الشيطان فتسب وتبغض من أمرك الله بمحبته والاستغفار له وباتباعه، فتزل عن طريق الحق وتسلك طريق الباطل.

فإن قال: فاذكر لنا من الكتاب والسنة عمن سلف من علماء المسلمين ما يدل على ما قلت لنرد نفوسنا عما تهواه من البحث عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.

قيل له: قد تقدم ذكرنا لما ذكرته مما فيه بلاغ وحجة لمن عقل، ونعيد بعض ما ذكرناه ليتيقظ به المؤمن المسترشد إلى طريق الحق.

قال الله عز وجل: ? محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلا من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ? ثم وعدهم بعد ذلك المغفرة والأجر العظيم: ? وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً ? وقال الله عز وجل: ? لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين أتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم ?، وقال الله عز وجل: ? والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين أتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ?، وقال عز وجل: ? يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبإيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ?، وقال الله عز وجل: ? كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون على المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن من أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ?، وقال عز وجل: ? لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ? ثم إن الله عز وجل أثنى على من جاء من بعد الصحابة فاستغفر للصحابة وسأل مولاه الكريم ألا يجعل في قلبه غلا لهم فأثنى الله عز وجل عليه بأحسن ما يكون من الثناء فقال عز وجل: ? والذين جاءوا من بعدهم .. ? إلى قوله:? رؤوف رحيم ? وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم».

وقال ابن مسعود: «إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه وبعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد – يعني من غير الأنبياء والمرسلين كما هو معلوم – فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه».

ثم قال الآجري رحمه الله: يقال: لمن سمع هذا من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وسلم: إن كنت عبداً موفقاً للخير اتعظت بما وعظك الله عز وجل به وإن كنت متبعا لهواك خشيت عليك أن تكون ممن قال الله عز وجل فيهم: ? ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله ?، وكنت ممن قال الله عز وجل ? ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ?.

ويقال له: من جاء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يطعن في بعضهم ويهوى بعضهم ويذم بعضاً ويمدح بعضاً، فهذا رجل طالب فتنة وفي الفتنة وقع لأنه واجب عليه محبة الجميع والاستغفار للجميع رضي الله عنهم ونفعنا بحبهم».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير