تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* قال ابن قدامة المقدسي في «لمعة الاعتقاد» (150): «ومن السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبتهم وذكر محاسنهم والترحم عليهم والاستغفار لهم والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم قال الله تعالى: ? والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ?، وقال تعالى: ? محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ? وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».

* قال النووي في «شرحه على مسلم» (18/ 219 - 220): «ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا بل اعتقد لك فريق أنه المحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى الله وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه اجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه».

* وقال شيخ الإسلام في «منهاج السنة» (4/ 448): «كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفوراً فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضاً وذماً، ويكون هو في ذلك مخطئاً، بل عاصياً فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم بكلام لا يحيه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف».

وقال أيضاً في «مجموع الفتاوى» (3/ 406): «وكذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم ونعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب وهم كانوا مجتهدين إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم وما كان لهم من السيئات وقد سبق لهم من الله الحسنى فإن الله يغفر لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة وما شجر بينهم من خلاف فقد كانوا رضي الله عنهم يطالبون فيه الحق ويدافعون فيه عن الحق فاختلفت فيه اجتهاداتهم ولكنهم عند الله عز وجل من العدول المرضي عنهم ومن هنا كان منهج أهل السنة والجماعة هو حفظ اللسان عما شجر بينهم فلا نقول عنهم إلا خيرا ونتأول ونحاول أن نجد الأعذار للمخطئ منهم ولا نطعن في نياتهم فهي عند الله وقد أفضوا إلى ما قدموا فنترضى عنهم جميعا ونترحم عليهم ونحرص على أن تكون القلوب سليمة تجاههم».

* ويقول الإمام الذهبي رحمه الله في «السير» (10/ 92 - 93): «كما تقرر الكف عن كثير مما تشجر بينهم وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب ... فينبغي طيه وإخفاءه بل إعدامه لتصفوا القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء». إلى أن قال: «فأما ما نقله أهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء» وقال أيضاً في «السير» (3/ 128): «فبالله كيف يكون حال من نشأ في إقليم لا يكاد يشاهد فيه إلا غالياً في الحب مفرطاً في البغض ومن أين يقع له الإنصاف والاعتدال؟! فنحمد الله على العافية الذين أوجدنا في زمان قد أنمحص فيه الحق وأتضح من الطرفين وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين وتبصرنا فعذرنا واستغفرنا وأحببنا باقتصاد وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ في الجملة أو بخطأ إن شاء الله مغفور وقلنا كما علمنا الله ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا وترضينا أيضا عمن اعتزل الفريقين كسعد بن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسعيد بن زيد وخلق وتبرأنا من الخوارج الذين حاربوا علياً وكفروا الفريقين».

* قال ابن حجر في «الفتح» (13/ 37): «واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجراً واحداً وأن المصيب يؤجر أجرين»

وأقوال أهل العلم وآثار السلف في ذلك أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تعد، وإن رغمت أنوف فقل يا رب لا ترغم سواها!

وهذه النقولات التي ذكرتها عن السلف وأهل العلم غيض من فيض ولعل فيما نقل منها مقنع لمن طلب الحق ولم يتبع هواه والله الموعد.

كتبه وأملاه/

سعد بن ضيدان السبيعي

عضو الدعوة بوزارة الشئون الإسلامية

4/ 11/1425هـ

=================================================

(1) انظر الواسطية لابن تيمية.

(2) قال الإمام ابن تيمية في منهاج السنة (2/ 22).

(3) في الأصل (معاوية) وهو خطأ.

(4) فضائل الصحابة للإمام أحمد (1/ 69) , (2/ 1152) لكن جاء في الأصل عن أبي معاوية عن رجل! وأظنه تصحيف.

وانظر: الصارم المسلول (3/ 1071) , والإبانة لابن بطة (294).

(5) رواه الخلال في السنة (1/ 261) (717) من طريق أخر وهذه الطريق يشد بعضها بعضًا فالإسناد حسن.

(6) انظر تنزيه خال المؤمنين لأبي يعلى رحمه الله (86).

(7) وذكره ابن بطة في الإبانة (181).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير