ـ[محمد المبارك]ــــــــ[16 - 08 - 07, 09:25 ص]ـ
بداية التدخل الانجليزي:
يمكننا أن نحدد أواخر سنة 1875، وأوائل سنة 1876 كبدايةٍ للتدخل الأوربي، إذ حدث من مظاهره وقتئذ:
ـ شراء إنجلترا أسهم مصر في القناة بأربعة ملايين جنيه، فقد استغل اليهودي العالمي " دزرائيلي " ـ (وهو يهودي متعصب تظاهر باعتناق الدين المسيحي من أجل أن يتولى رئاسة الوزراء حسب الدستور البريطاني) ـ رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت سيطرة اليهود على شئون الخديوي إسماعيل وتغلغلهم في داخل الشئون المالية والاقتصادية في البلاد , وعن طريقهم أقنع الخديوي إسماعيل بضرورة بيع حصته في أسهم قناة السويس مقابل 4 ملايين جنيها استرلينيا ..
ـ ثم كان قدوم بعثة المستر " كيف " الإنجليزية لفحص مالية مصر.
ـ ثم توقف حكومة اسماعيل عن اداء أقساط ديونها، وما اعقب ذلك من إنشاء صندوق الدين في مايو سنة 1876 0
هذا التدخل كان من الأسباب الجوهرية التي حفزت النفوس إلي التبرم بنظام الحكم، والتخلص من مساوئه، لأن سياسة الحكومة هي التي أفضت إلي تدخل الدول في شؤون مصر وامتهانها كرامة البلاد واستقلالها.
الفرصة الافغانية:
و هنا كانت الفرصة الذهبية للافغاني لمهاجمة القصر الملكي، والدعوة الى الثورة على القصر وحلفائه الانجليز، و من ثم التمهيد للثورة العرابية التي أدت بالبلاد للوقوع في يد المحتل الاجنبي
و ابتدأ الافغاني هذا الاسلوب منذ عام 1876م، بينما استخدم الافغاني من أجل ذلك تلاميذه من نواب مجلس الشورى، وعلى رأسهم عبد السلام بك المويلحي (باشا)، الذي يعد من كبار تلامذته.
كما استخدم الافغاني لذلك الصحف السياسية التي كان يشرف عليها تلامذته مثل سليم نقاش واديب اسحاق النصرانيين و عبدالله النديم صاحب جريدة "التبكيت و التنكيت"، بل حتى الصحف الهزلية مثل يعقوب صنوع اليهودي،و الذي اشتهر باسمه الهزلي "ابو نظارة ".
يقول سليم بك العنجوري أحد أدباء سورية و تلميذا الافغاني حين زار مصر ووصف مكانة السيد بقوله: " في خلال سنة 1878 زاد مركزه خطراً وسما مقامه، لأنه تدخل في السياسات وتولى رئاسة جمعية (الماسون) العربية وصار له أصدقاء وأولياء من أصحاب المناصب العالية، مثل محمود سامي البارودي الذي نفي اخيراً مع عرابي إلي جزيرة سيلان، وعبد السلام بك المويلحي النائب المصري في دار الندوة، وأخيه إبراهيم (المويلحي) كاتب الضابطة، وكثر سواد الذين يخدمون افكاره، ويعلون بين الناس مناره، من أرباب الأقلام، مثل الشيخ محمد عبده، وإبراهيم اللقاني، وعلى بك مظهر، والشاعر الزرقاني، وأبي الوفاء القوني في مصر، وسليم النقاش، وأديب اسحق، وعبد الله النديم في الإسكندرية".
الافغاني و توفيق باشا (1879 - 1892م):
ـ عمل جمال الدين الأفغاني من خلال علاقاته الماسونية باستمالة ولي العهد توفيق، إذ كان توفيق ماسونياً من النخبة، إذ ترأس ـ فيما بعد ـ المحفل الماسوني، و قام الإنجليزـ بدورهم ـ بالاتصال بالسلطان العثماني الذي أصدر فرمانا بعزله في يونيو 1879 وتولية ابنه " توفيق " حكم مصر.
ـ فلما وُلِّي توفيق باشا ـ بعد ذلك ـ ظهرت المحافل الماسونية الفرنسية والانجليزية والمصرية في جميع أنحاء مصر وانتقل النشاط الماسوني إلى القاهرة، بعد أن كانت المحافل الماسونية منحصرةً في الاسكندرية، و التي كانت مركز الماسونية في مصر حتى عام 1879.
ـ و حين تولى الخديوي توفيق ـ تلميذ الافغاني ـ الحكم أحس بخطورة الأفغاني وما يبثه من أفكارـ أو هكذا قيل ـ، فأصدر أمره بنفيه من البلاد، " أو هكذا كانت الحبكة الحوارية " لطريقة إخراج الافغاني من مصر، ليستمر في نشاطاته الماسونية، من نسج للمؤامرات واسقاطٍ للأنظمة، خارج الديار المصرية.
لقد تولى "توفيق باشا" بناءً على وساطة بريطانية، في عهد التدخل البريطاني، فهو بذلك تحت طائلة الانجليز.
و لنا أن نتساءل لماذا يقوم الانجليز باخراج رجلهم الاول و لاعبهم المفضل في المنطقة؟؟؟
إلا إذا كان ذلك خوفاً عليه من غوائل و نتائج الحركة العرابية، في حين قد لاحت لهم في الأفق مهمات أُخَر.
¥