تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[28 - 09 - 07, 07:22 م]ـ

التاريخ الإسلامي بين المستشرقين و المتغربين

بقيت الكتب على ماهي عليه حتى جاء المستشرقون فنقبوا عن الروايات الضعيفة و الساقطة ونشروها و بحثوا عن أهل الباطل و سلطوا عليهم الأضواء و رفعوا قيمتهم سواء أكانوا مؤرخين أو أدباء و شعراء ... فجعلوا من بشار بن برد شاعرا فذا، و لجؤوا إلى شعره و اتخذوه حكما على العصر الذي عاش فيه و في هذا يقول د. أمحزون "فعمدوا إلى التشبت بالروايات المشبوهة و الضعيفة والساقطة يلتقطونها من كتب الأداب و التاريخ و قصص السمر و الحكايات العامية، و الكتب المنحولة و الضعيفة مثل كتاب "الأغاني" و "البيان و التبيين" و "الإمامة و السياسة" و "الكامل في الأدب" و "نهج البلاغة" ( ... ) و غيرها من الكتب التي يعتمدونها في الغالب مع ما يجدون من الروايات الموضوعة و الضعيفة في تاريخ الطبري و المسعودي و اليعقوبي و بن مزاحم، و غيرهم. و يكفيهم إشارة هامشية منها لكي يبادروا إلى تضخيمها، و التوسع في إعطاء الشرح و التفسيرات لها و البناء عليها صرحا كاذبا من المعطيات والتخمينات" [1] ( http://www.maktoobblog.com/FCKeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=Body&Toolbar=Basic#_ftn1)

فصوروا لنا التاريخ الإسلامي أنه تاريخ حروب و صراعات و تطاحنات سياسية، ما أن تصعد دولة إلى الحكم حتى تقوم فئة تعارضها فتطيح بها ... وهكذا، فتعيش الشعوب بين حاكم و آخر طامع في الحكم و الخروج على الحكام طريقهم.

و عمدوا إلى الحكام و العظماء فبحثوا عن أخطائهم و مساوئهم، فضخموها - خاصة كتب الأدب – فجعلوا من هارون الرشيد بطلا من أبطال ألف ليلة و ليلة، و أنه من المعاقرين للخمر "و أين هذا من حال الرشيد و قيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين و العدالة، و ما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء و محاورته للفضيل بن عياض، و بن السماك و العمري و مكاتبته سفيان الثوري، و بكائه من مواعظهم و دعائه بمكة في طوافه، و ما كان عليه من العبادة والمحافظة على أوقات الصلوات و شهود الصبح لأول وقته. حكى الطبري و غيره أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة نافلة، و كان يغزو عاما ويحج عاما، و قد تبت عنه أنه عهد بحبس أبي نواس لما بلغه من انهماكه في المعاقرة (أي الخمر) حتى تاب و أقلع و إنما كان الرشيد يشرب نبيذ التمر على مذهب أهل العراق و فتاويهم معروفة، و أما الخمر الصرف فلا سبيل إلى اتهامه بها و لا تقليد الأخبار الواهية فيها فلم يكن الرجل بحيث يواقع محرما من أكبر الكبائر عند أهل الملة و لقد كان أولئك القوم كلهم بمنجاة عن ارتكاب السرف و الترف ... " [2] ( http://www.maktoobblog.com/FCKeditor/editor/fckeditor.html?InstanceName=Body&Toolbar=Basic#_ftn2)

ثم جاء بعدهم المتغربون فساروا على نفس المنهج، و اقتفوا آثرهم، فاعتمدوا على الرويات الضعيفة و الموضوعة، و فسروا الأحداث التاريخية حسب هواهم، كما تعاملوا معها بعقلية معاصرة، ولم يراعوا ظروف تلك الوقائع و أحوالها.

فنحن نعيش في عصر السرعة، و تطور وسائل الإتصال. الحدث ينقل مباشرة عبر وسائل الإعلام، فتصل إلى كل أنحاء العالم في دقائق بل توان معدودة، و تؤخذ التصريحات من صانعي الحدث ليسمعها كل المتتبعين مباشرة، بينما في تلك العصور لم تكن هناك و سائل إعلام متطورة إنما تنقل الأخبار عن طريق الرسائل و الرواة، فمثلا نأخذ المدينة المنورة، و الشام، كانت المسافة بينهما تصل إلى 30 يوما سيرا على الدواب، فيقع الحدث في المدينة المنورة، و ما أن تصل إلى الشام إلا بعد شهر من الزمان، تكون خلاله قد استجدت مستجدات لم تؤخذ في الإعتبار.

و نحن نعيش في واقع طغت فيه المصالح على المبادئ و حب الزعامة و الإستبداد، و خلق لوبيات للضغوط السياسية و الإقتصادية، كما يفعل اللوبي الصهيوني في أمريكا و غيرها و من عجائبهم أنهم جعلوا الصحابيين الجليلين طلحة و الزبير، يشكلان لوبيا للضغط على أهل الشورى لكي يبايعوا عثمان بدل عليا لأجل تحقيق الثروة المالية، ذلك أن عثمان كان سخيا مرنا عكس علي الذي كان شديدا في هذا الأمر.

بل زعموا أن الفتوحات الإسلامية كانت بهدف اقتصادي كما هو الحال بالنسبة للإحتلال و التوسع "الإمبريالي" في العصر الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير