تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال في معرض حديثه عن كتب المطالعة: "جنبوا كتب المطالعة هذا الأدب الذي تسمونه يوماً بأدب الحداثة، ويوماً بالشعر المنثور، ويوماً بالنثر المشعور - كما قال المازني رحمه الله مازحاً ساخراً لما سألوه عنه - ويوماً بقصيدة النثر، وكل ذلك من مظاهر العجز عن نظم الشعر البليغ، كالثعلب لما لم يصل إلى عنقود العنب، قال: إنه حامض. واختاروا لهم مما يقوي ملكتهم العربية؛ لأن العربية والإسلام لا يكادان يفترقان.

لقد حاقت بالعربية نكبات، واعترضت طريقها عقبات، ونزلت عليها من نوازل الدهر المعضلات، ولكن ما مر بها يوم هو أشد عليها وأنكى أثراً فيها من هذا الأدب المزوَّر الذي سميتموه بأدب الحداثة. إنه ليس انتقالاً من مذهب في الشعر إلى مذهب، ولا من أسلوب إلى أسلوب، ولكنه لون من ألوان الكيد للإسلام. بدأ به أعداؤه لما عجزوا عن مس القرآن؛ لأن الله الذي أنزله هو الذي تعهد بحفظه، فداروا علينا دورة، وجاؤونا من ورائنا.

وكذلك يفعل الشيطان، يأتي الناس من بين أيديهم وعن أيمانهم ومن وراء ظهورهم، فعمَدوا إلى إضعاف الإسلام بإضعاف العربية" [5] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=1655#_ftn5).

مفهومه للأدب الإسلامي:

ويتحدث الأستاذ الطنطاوي في ذكرياته عن مفهوم الأدب الإسلامي فيقول: "ولا يزال في الناس من يختلط عليه أمر تعريف الأدب الإسلامي، ويُدخل فيه كتابات إسلامية ليست أدباً، وكتاباتٍ أدبية ليست موافِقة للإسلام، والذي أفهمه أنا - بذهني الكليل، وفهمي القليل - أن الأدب الإسلامي هو ما كان أدباً مستكمِلاً شرائطه، جامعاً عناصره، وسواء أكان ذلك قصيدة، أم كان قصة، أم كان مسرحية، أم كان رواية. فالشرط فيها أن تكون بالميزان الأدبي راجحة لا مرجوحة، وأن يكون الأثر الذي تتركه في نفس قارئها إذا انتهى منها، مرغِّباً له في الإسلام، دافعاً له إلى الاقتراب منه، لا أن تكون بحثاً فقيهاً، ولا تاريخياً، ولا شرح حديث، ولا تفسير آية، فهذا كله ليس أدباً، وإن كان شيئاً أغلى وأثمن، وأعلى من الأدب" [6] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=1655#_ftn6).

عاشق مكة:

مع أن معظم ذكريات الطنطاوي كانت عن الشام وعن دمشق خاصة فإنه تحدث عن ذكرياته في المملكة العربية السعودية التي أقام بها نحواً من ست وثلاثين سنة امتدت إلى آخر حياته، وقد عاصر فيها أربعة ملوك أحبهم وأحبوه، كما أحبه عامة الناس في المملكة وخاصتهم، وكان برنامجه الأسبوعي "نور وهداية" وبرنامجه الرمضاني "على مائدة الإفطار" مهوى الأفئدة.

وقد أشرت في مطلع هذا المقال إلى بعض ذكرياته في السنة الأولى التي قدم فيها إلى المملكة سنة 1383هـ/ 1963م، وقد خصص معظم الجزء الثامن من ذكرياته للحديث عن ذكريات إقامته في المملكة، وكان من أجمل ما استهل به ذكرياته عن مكة قوله: "أريد أن أكتب عن المملكة، عن مكة، عن العاصمة الروحية لها ولبلاد المسلمين كلها، وأنا حين أهم بالكتابة عن بلد لا أصف طبيعة أرضه، ولا تحديد مساحته وحاصلاته، ولكن أحاول أن أصف مدى شعوري به، ومبلغ ما له في نفسي.

وهل أستطيع أن أصور المشاعر والعواطف التي ينطوي عليها قلبي لمكة أمِّ القرى، وقبلة المسلمين، ومبعث النور، وأحب البلاد إلي بعد بلدي؟! لا، بل قبل بلدي، فهي بلدي الأول، وبلد كل مسلم، ما يسرني أن يسلم بلدي بأذاها، بل إني أدفع عنها الأذى ببلدي وداري وأهلي؛ لأنها إن سلمت فكل شيء سالم، وإن أصابها شيء لم يسلم لنا بعدها شيء؛ لأنها تكاد تكون لنا كل شيء.

أرأيتم المغناطيس كيف يجذب قطع الحديد من حوله، كذلك تجذب مكة الناس، ولست أدري لماذا يذهب أهلها، فيسيحون في البلدان، والبلدان كلها تكون كل سنة هنا؟!. تدور حول هذا البيت من الغرب إلى الشرق، كما تدور الأفلاك على قطبها. فكأن كل حاج كوكب، وهذا المطاف هو الفضاء الأرحب الذي تسبح فيه النجوم والكواكب" [7] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=1655#_ftn7).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير