تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"العُزب" مسلحةً بالبنادق أيضاً وموزعةً ضِمن الجيش توزيعاً متناسقاً.

وكان الجيشُ الصفوي مُعَسْكِراً بشكل تعبوي في جالديران قبلَ وصولِ الجيش العثماني، وبذلك يكون هو الذي اختارَ ميدان المعركة السهلي ليتيحَ فرصةَ المناورةِ والمباغتة لقواتِ الفرسان التركمان الذين يعتمِدُ عليهم الشاه إسماعيل. ولم يكن تشكيلُ الجيش الصفوي خُماسياًّ، بل يتكون من جناحين فقط، وكان الشاهُ في الجناح الأيمن من جيشه، وكان قائدُ الجناح الأيسر والي ديار بكر التركماني محمد خان أُسطا جالو، وكان عددُ الجيش الصفوي نحو مائة ألف مقاتل أكثرهم من الخيالة التركمان.

والتقى الجيش العثماني بالجيش الصفوي في جالديران في الثاني من رجب سنة تسعِ مئةٍ وعشرين للهجرة الموافقة لسنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد، وبدأ هجومُ صاعقةِ رومللي العثمانيين الخيالةِ بشكل أدهشَ الصفويين، ثم أمرَ السلطانُ بفتح الجناحين على شكلِ هلالٍ مُقلداً بذلك جدَّه السلطان محمد الفاتح يرحمه الله، ثم فتحت المدفعيةُ العثمانية نيرانَها على الصفويين فبدأ تساقطُهم بالآلاف، ثم أمرَ السلطانُ بإغلاقِ الجناحين، وقدَّم فرقةَ الاحتياطِ إلى الأمام، وأمرَ بالهجومِ على مركز الجناح الصفوي الأيمن للقضاءِ على الشاه إسماعيل الذي قتلَ أمَّه بالسيف لأنه لم تتبع نحلتَه، فجُرحت يدُ الشاه ورِجلُه، فخاف الوقوعَ بيد السلطان سليم الذي كان يتوعدُهُ بقصاصةِ وألبس الشاهُ ثيابَهُ لشبيهٍ له من أتباعهِ الصولاغيين الصفويين وولى هارباً من ميدان المعركة، ولما وصلَ العثمانيون إلى مكانهِ صرخ شبيهُهُ: أنا الشاهُ، فانشغل العساكرُ العثمانيون باعتقاله ثم تبيَّن أنه شبيهٌ مزيفٌ للشاه إسماعيل الصفوي، وقُتِل قائدُ الجناح الصفوي الأيسرِ محمد خان، والصدرُ الأعظم الصفوي الباقي بك، وقاضي العسكر الصفوي سيد حيدر ووالي بغداد الصفوي خلفاء بك تركمان أوغلى، ووالي عراقِ العجم وإنطالية وهمدان يكان بك،

واستشهدَ من العثمانيين واحدٌ برتبة باشا وتسعةُ قادةِ سناجقَ برتبة قائد لواء، وقُتِل عشراتُ الآلاف من عساكر الطرفين، ولكنَّ العثمانيين انتصروا وهربَ الصفويون، فأسروا منهم الآلافَ، ودخل السلطان سليم عاصمتَهم تبريز في الرابع عشر من رجب سنة تسع مئة وعشرين للهجرة في الخامس من أيلول/ سبتمبر سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وخمسَ عشرةَ للميلاد، وفي اليوم الثامن من أيلول أقيمتْ صلاةُ الجمعة في تبريز حسبَ الشعائر الإسلاميةِ السُّنية وتمّ الدعاء بالنصر للسلطان سليم، واستولى السلطانُ على الخزائن الصفوية، وجلب إلى إسطنبول تختَ الشاه إسماعيل المصنوعَ من الذهب الخالص، ومازالَ ذلك التحتُ موجوداً في مُتحف طوب قابي حتى الآن، وأمر السلطانُ بنقل الخزائن الصفوية مع مئاتِ الفنانيين والشعراءِ والعلماءِ والصناع والحرفيين من تبريز إلى اسطنبول، فألحق صُناعِ الخزف بمصانعِ إزنيك المشهورة،

وبقي السلطانُ في تبريز تسعةَ أيامٍ لتنظيم أمورٍها، ثم تعقَّب الشاهَ حتى ضفافِ نهر الرسّ، ولكنه لم يتمكّنْ من القبضِ عليه، وأقبلَ فصلُ الشتاء ببرده القارس، فتذمر بعضُ الإنكشاريين البكتاشيين، فاستراحَ السلطانُ سليم الأول ثمانيةُ أيام، وعزلُ بيقلي من الصدارة العظمى، ونصَّبَ مكانه خادم سنان باشا في تشرين الأول/ أكتوبر، ثم عاد السلطان إلى مدينة أماسيا فشتّى فيها، وفي الربيع رجع السلطان إلى بلاد العجم ففتح قلعة "كوماش: كُماخ" في أيار/ مايس سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وخمسَ عشرةَ للميلاد، ثم عاد إلى سيواس. وترك السلطانُ سليم قادةَ الجيوش العثمانية لتنفذِ مُهمات الفتوحات التي أعطاها لهم، وعلِمَ بالتحركات الأوروبية على جبهةِ البلقان تنفيذاً لاتفاقِهم مع الشاه إسماعيل على فتحِ الجبهتين معاً، فغادرَ السلطانُ سيواسَ عائداً إلى اسطنبول ليكونَ قريباً من الجبهة الغربية، وأخذَ معه الإنكشاريةَ المتذمرين ثم اعتقلَ كبارَ ضباطِهم وحقَّقَ معهم، ولما تبَيَّنَ له تآمرُهم مع الصفويين نفَّذَ بهم حُكمَ الإعدام كي لا تتكررَ الحادثةُ، كما أعدَم قاضي عسكر الإنكشارية جعفر الجلبي لأنه كان المحرِّكَ الأساسيّ لتذمُّر الإنكشارية بسبب ارتباطاتهِ الخيانيةِ السِّرِّيَّةِ بالصفويين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير