تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان إسعاف مربياً ناجحاً في المدارس، ويركز على الحماسة في إلقاء الدروس ويرى فيه وسيلة من شأنها إنجاح العملية التربوية،" فإن أردت غرس الأخلاق والقيم العليا في نفوس التلاميذ، فعليك اختيار النصوص الجميلة من قرآن وحديث ومَثَل سائر وخطبة بليغة وشعر فصيح، ثم اقرأ لهم هذه النصوص بفهم ومتعة وشخصية قوية، اقرأ لهم كي يستشعروا حبك لها وحماستك، ثم عد إلى كل نص من هذه النصوص وعلّق على مفرداتها التعليق الذي يكشف أسرار الألفاظ ودلالاتها المعجمية الدقيقة ". هذه كانت طريقة إسعاف في التعليم: اختيار النص والتعليق عليه ثم الطلب من التلاميذ حفظه، وعليه كانت القراءة وكان السماع وسيلتين من الوسائل الأساسية في تعليم النشء وتثقيفه، وهذه هي طريقة السلف الصالح في دروس العلم، إنها طريقة تقوم على دعامتين: الكتاب والأستاذ.

كان إسعاف يشترك في أكثر الحفلات التي تقام بفلسطين، خاصة تلك التي تقام لمناسبات وطنية وقومية أو أدبية واتسمت خطبه بالثورية والتحريضية التي تدعو الشعب للتحرك من أجل تحقيق الأهداف وحفظ الأوطان، كما كان واعظاً ومرشداً في المساجد. كتب إسعاف الكثير من الشعر والمقالات الأدبية نادباً ما أصاب الأمة العربية من ضعف وفرقة وتمزيق بين المستعمرين، ودعا الأمة العربية إلى وحدتها وجمع كلمتها، وإلى حمل السلاح لدفع العدوان وتحقيق الاستقلال لها، وإنقاذ فلسطين التي يخطط لها المستعمرون كي تصبح وطناً قومياً لليهود.

كان إسعاف شديد الغيرة على القرآن الكريم واللغة العربية والحضارة الإسلامية، ولعل حدة المزاج التي كان يتصف بها ناتجة مما كان يلمسه من انقباض الناس عن هذه الأركان وإقبالهم على نمط الحياة الغربية وتعلقهم بالدعوات الهدامة التي راح دعاة السوء من الغربيين وأتباعهم من المسلمين والعرب يروجونها في أسواق الشرق.

وتبدو غيرته هذه في كل مصنفاته، ولاسيّما كلمته المطولة بعنوان "البطل الخالد صلاح الدين والشاعر الخالد أحمد شوقي". عاش إسعاف في زمن شهد صراعاً عنيفاً بين دعاة التجديد والمحافظين على دور القديم في اللغة والحياة، ولماّ كان إسعاف من مؤيدي القديم وكان يعي تقدم الغرب على الشرق في مضمار العلم، فقد دعا إلى الانتفاع بالجديد مع حماية للقديم ليقوم الجديد على قاعدة صلبة، كما دعا إلى التجديد في اللغة والأدب، لكن التجديد الذي يحفظ اللغة من كل ما يؤدي إلى فسادها واضمحلالها، التجديد الذي يطور وينمي ويزيد في صرح الحضارة من الجانب الأدبي واللغوي، لا التجديد الذي يقضي على اللغة العربية ويعتمد اللهجات العامية أو الذي يلغي القافية بدعوة حرية الشعر وتجديده.

وكان النشاشيبي يصر على اعتبار اللغة هي الأمة، والأمة هي اللغة وضعف الأولى ضعف الثانية، وهلاك الثانية هلاك الأولى، وما الأمة إلاّ لغتها وأدبها وخلقها، حسب ما جاء في مقالته " العربية المصرية ".

كان النشاشيبي عضواً نشيطاً من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، انفرد بأسلوب من البيان، وبقدر متميز من الحماسة للغة العربية. توفي ـ رحمه الله ـ في القاهرة عام 1948م، وقد لحده في قبره بيده الحاج أمين الحسيني.

ولا نجد خيراً من قول صديقه أحمد حسن الزيات فيه غداة وفاته: "إن النشاشيبي كان خاتم طبقة من الأدباء واللغويين المحققين، لا يستطيع الزمن الحاضر بطبيعته وثقافته أن يجود بمثله، فمن حق المحافظين على التراث الكريم، والمعتزين بالماضي العظيم، أن يطيلوا البكاء على فقده وأن يرثوا لحال العروبة والعربية من بعده".

نذكر من المصنفات اللغوية التي تركها لنا ـ رحمه الله ـ:

العربية المصرية، وفيه دفاع عن العربية وذكر لخصائصها، وتأكيد لدور مصر في المحافظة على العرب والعربية.

العربية وشاعرها الأكبر شوقي، ويدور حول شوقي في خدمة الأدب ولغته، ويعكس تحمس المؤلف وغيرته على اللسان العربي.

اللغة العربية والأستاذ الريحاني، وهو مقالة رد فيه على الأستاذ الريحاني الذي انتقد خطبته في الدفاع عن العربية، واتهمه بتكلف الغريب والوحشي.

العربية في المدرسة، وهي خطبة كان إسعاف قد ألقاها عندما كان يعمل مفتشاً في معارف فلسطين، حيث ركز فيها على العروة الوثقى بين القرآن واللغة.

حماسة النشاشيبي، وهي نصوص مختارة قرآنية وأدبية، جزلة الألفاظ سامية المعاني، تنم عن سعة إطلاع واهتمام بمصادر اللغة.

كلمة في اللغة العربية، تعد أوضح مصنفات النشاشيبي دلالة على اهتمامه باللغة، وتبياناً لجهوده وفكره في مجالها.

البستان وهو كتاب مدرسي لُغَوي.

الإسلام الصحيح، أبحاث إسلامية دعا فيها إلى تصفية الإسلام من البدع.

نقل الأديب، مختارات من عيون الأدب العربي وطرائفه.

أمثال أبي تمام.

قلب عربي وعقل أوروبي.

التفاؤل والأثرية في كلام أبي العلاء المعري.

مقام إبراهيم، وهي كلمة تأبين للبطل إبراهيم هنانو (شهيد الثورة السورية ضد الفرنسيين).

البطل الخالد صلاح الدين والشاعر الخالد أحمد شوقي.

بيروت والغلاييني.

المراجع:

ـ (أعلام فلسطين)، محمد عمر حمادة، دار قتيبة، دمشق 1985، الجزء الأول، ص (298ـ 315)).

ـ (الأعلام)، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة العاشرة 1992، الجزء السادس، ص (30،31)).

ـ (إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية)، الموسوعة الفلسطينية دمشق، الطبعة الأولى1984، مجلد 3، ص (659،660)، مجلد 4، ص (171)).

ـ (محمد إسعاف النشاشيبي) أ. د. يحيى جبر، مكتبة الجمعية العلمية، نابلس،1994).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير