ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[16 - 03 - 10, 08:01 م]ـ
مقدمة الكتاب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وآله وصحبه، وبعد:
فقد اهتم المؤرخون والباحثون قديماً وحديثاً بالتأريخ لهذه المدينة العظيمة – دمشق - والتعريف برجالاتها، وكتبوا في ذلك الكثير، وتركوا لنا مصنفات شكلت مكتبة كبيرة عامرة فيها أدق التفاصيل من تاريخ هذه المدينة، وتاريخ رجالها، ومعالمها، وحياتها الاجتماعية الثرية النابضة. وقد كان لكل مؤرخ من هؤلاء المؤرخين هدفه ومنهجه؛ فمنهم من أرَّخ لمعالمها العمرانية، ومنهم من أرَّخ لغوطتها، ومنهم من تحدث عن مجتمعها، ومنهم من ترجم لأعلامها، ولكن لم تصدر إلى اليوم دراسة متخصصة شاملة عن تاريخ أسرها، وأثر هذه الأسر في الحياة الدمشقية، ماخلا بعض الدراسات التي صدرت عن تأثير بعض هذه الأسر في الحركة السياسية لهذه البلدة، وبعض الأبحاث والفصول المبثوثة في الكتب العامة، وكان أوسعها ما كتبه المؤرخ الدمشقي الشيخ محمد أديب تقي الدين الحصني المتوفى (1358هـ/1940م) في كتابه "منتخبات التواريخ لمدينة دمشق"، فقد قدّم مادة ثرية ولكنها تحتاج إلى تنقيح، وتهذيب، وإتمام، وترتيب عصري مناسب. الهدف من هذا العمل: وكان الباعث على هذا العمل والهدف منه هو حفظ هذه المعلومات التاريخية التي قدمها المؤرخون السابقون، أو التي جمعتها مشافهة، وترتيبها على هذا الشكل لتكون شاهداً على ماقدم السابقون، وحافزاً لأبناء هذه الأسر الدمشقية العريقة يتعرفون من خلالها على تراث آبائهم وأجدادهم، وعلى ما قدموه من خير وفضل، فينهجوا منهجهم في العلم والتقوى، الجد والعمل ليحصلوا الثمرة التي حصلوها، وليكونوا خير خلف لخير سلف، ولا يقصروا فيضيع مجدهم، ويذهب أثرهم، وتتيه خطاهم. ولا شك أن القدوة الصالحة الناجحة من أهم أسباب النجاح في الحياة، ولذلك ذكر الله في القرآن الكريم قصص السابقين من الأنبياء والصالحين وقال معقباً:
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}
[سورة الزمر: 39/ 18].
منهجي في العمل في هذا الكتاب
وقد كان عملي في هذا الكتاب وفق المنهج التالي:
1 - اعتمدت في هذا البحث على كتاب "منتخبات التواريخ لمدينة دمشق" للسيد أديب تقي الدين الحصني مصدراً أساسياً، ونواة لهذا العمل، ولم أهمل منه إلا بعض الأسر التي انقرضت أو زال أثرها في المجتمع الدمشقي، فكل أسرة ذكرها الحصني في كتابه هَذَّبتُ ما ذكره عنها، وأضفت إلى ذلك ما تحصّل لديَّ من معلومات أخرى عن تاريخها ورجالها.
2 - أضفتُ إلى ما ذكره الحصني عدداً كبيراً جداً من الأسر الأخرى التي أهملها، والتي كان لها أثر كبير في مجتمع مدينة دمشق، وميَّزتها عن الأسر التي ذكرها بعلامة (*)، وقد زاد عددها على ضعف عدد الأسر التي ذكرها الحصني، واشترطت في الأسر التي أضفتها شرطين أساسين:
الأول: أن يكون مضى على وجودها في مدينة دمشق مئة عامٍ فأكثر، وتعاقب منها في هذه المدينة أكثر من ثلاثة أجيال.
والثاني: أن يكون قد اشتهر من أبنائها عدد ممن تركوا في حياة مدينة دمشق أثراً علمياً، أو عمرانياً، أو اجتماعياً ملحوظاً. ولا شك أنني ربما أهملت عدداً من الأسر التي لم يكن غيرها ممن ذكرتُ أولى بالذكر منها، وذلك لقلة المصادر والمعلومات حول هذه الأسر، وعدم استطاعتي الوصول إليها أو لانعدامها.
3 - اعتمدت في عملي هذا على أكثر المراجع التاريخية التي تحدثت عن تاريخ مدينة دمشق خلال الأربعة قرون الماضية، ولكني جعلت الاعتماد الأكبر على سلسلة تاريخ علماء وأعيان دمشق في القرون (11)، و (12)، و (13)، و (14) الهجرية للأستاذين المؤرخين د. محمد مطيع الحافظ، ود. نزار أباظة، وعلى كتاب "أعلام دمشق في القرن (14 هـ) " للمؤرخ د. عبد اللطيف الفرفور، وذلك للمنهجية والموثوقية التي تتميز بها هذه الكتب عن غيرها، فإذا تكررت المعلومة في هذه الكتب، أو تعارضت مع الكتب الأخرى اكتفيت بما في هذه الكتب، وأهملت ما في غيرها.
¥