وليت شعري! أين تقع اللات والعزّى في هذا الملك؟ انها الرحلات الايمانية التي يعاين فيها النبي الكريم مشاهد الملك، حتي اذا وقف أبو سفيان في عز المعمعة يقول:
[اعل هبل]
أجابه الموفّق علي الفور:
[الله أعلي وأجلّ.]
واشتد ساعد رسول الله في الدعوة، حتي لقد بعث الله له الجن يدعوهم ويبايعهم .. تري من أين جاءوا؟ لقد جاءوه من (نصيبين)؟ وأين نصيبين؟ إنها هناك في أقصى الشمال الشرقي _علي طريق القوافل بين الموصل والشام _ يعني بين العراق.وقد كان!
بدأت دعوة النبي للقبائل، يقف علي منازلهم،ويستقبلهم في طريق الحج، ويعرض عليهم الإسلام، وخلفه عدو الله عبد العزي_لاعزّ له _ أبو لهب بن عبد المطلب،يرد عليه دعوته:
أتي كنده في منازلهم فدعاهم إلي الله فأبوا عليه.
وأتي ابني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله فأبوا عليه.
وأتي بني حنيفة في منازلهم فدعاهم إلى الله فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردّا" منهم.
ومع ذلك فهو يسير في طريق البلاغ حتما أذن الله بالفتح، وجاء الأنصار _ وهم الخزرج،وذلك في السنة الحادية عشرة للنبوة.أتمها الله ونفع بها.إذ لقيهم رسول الله_صلي الله عليه وسلم _ في الموسم فدعاهم فأجابوا ورجعوا إلي أهلهم فدعوهم، فلم يبق بيت من الأنصار إلا دخله خبر الإسلام، وفيه ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حتى إذا كان العام المقبل بايعة اثنا عشر رجلاً من الأنصار بالعقبة، وهي موضع على بعد ميلين من مكة، ومنها ترمى جمرة العقبة، وكان من المبالغين عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي ردى حديث البيعة.
وبعث معهم رسول الله مصعب بن عمير ليعلهم الإسلام ويقرئهم القرآن، وكان مصعب فتى قريش، رضي بالإسلام عزاً عن عز قومه، فرضي به وأعزه، استشهده يوم أحد، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم نساءه من الحور العين بجواره فرضي الله عنه.
وكانت بيعة العقبة الثانية إذ بايع النبي سبعون رجلاً وامرأ تان.ثم كان الحدث الكبير، والتحول الخطير في حياة المسلمين – لا، بل حياة الإسلام، وهو الهجرة (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرج الذين كفروا ثاني اثنين)
كل الناس إذا مشت – وقريش منهم – تتلفت أسفل، ولكن في هذا الموضع يتلفتون أعلى، يمسحون الآفاق بأعينهم وضالتهم تحت أقدامهم.
متى يدرك الناس أن السمع والبصر عبد ذليل من عباد الله، فإذا شاء الله قلبه كيف شاء؟ ما أغلى هذه الضالة تدري ما جعل المشركون لمن يأتى بها؟ وبه كل واحد منهما. ولكنهما أنفس على الله من هذا الثمن؟ بل من كل الأرض. (هو الذي يراك حين تقوم، وتقلبك في الساجدين).
كان أبو بكر يكثر الالتفات، ورسول الله لا يلتفت. إنه اليقين، إنه الفرق بين – والموقف واحد، والمعطيات واحدة – بين الرسول وغير الرسول.
وتخمد نار الطلب فيخرج المعصوم وصاحبه متوجهين إلى المدينة (الناقة مأمورة " لأن راكبها مأمور. حتى بركت في موضع ما عند بني النجار – أخوال جده عبد المطلب. وفي هذا الموضع بني المسجد النبوي المبارك.
هذه أحلى أيام شهدتها المدينة المنورة، ليت مثلها يعودلها بالإسلام، وظفرة، والغلبة على أعداء محمد، الذين داسوا بأقدامهم جزيرة العرب بعد أن طهرها النبي منهم. قال أنس بن مالك:
" شهدته يوم علينا المدينة،فمارأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من اليوم الذي دخل المدينة علينا،وشهدته يوم مات، فما رأيت يوماً قط كان أقبح ولا أظلم من يوم مات "
سعيد أنت أيهذا القلم إذ أكتب هذه السيرة .. ومحبور أنت أيها المداد.
هنا بني المسجد، من بالطوب اللبن. قيل له: ألا تسقفه؟ فقال:
" عريش كعريش موسى "
وهنا بنى صلى الله عليه وسلم بعائشة في بيته الذي بني له شرقي المسجد، وكان بناؤه بها في شوال من السنة الأولى للهجرة، مخالفة لعادة بعض الناس في كراهة البناء في شوال.
وماكان أعظم بركاته على المدينة، وخلها وهي وبيئة، فمرض بعض المهاجرين منهم أبو بكر وبلال، فقال رسول الله عليه وسلم:
" اللهم صححها، وبارك لنا في صاعها وقدها، واثقل حماها إلى الجحفة " واستجاب الله. هذا هو الفأل، لا فأل اليهود الذين (وإذا أصابتهم مصيبة قالوا: هذه من عندك)
وفي مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المديتة زيدت صلاة الحضر فصارت أربع ركعات.
¥