وبدأت الكفالة الاجتماعية بمشروع (أهل الصفة)
وفي السنة الأولى توفى البراء بن معرور، وهو الصحابي الذي صلى للكعبة قبل أن تحول القبلة.
وبدأ أيضاً العمل السياسي مع اليهود بالموادعة – التي نقضوها بعد – لعنهم الله. وفي هذه السنة أسلم كاشف زيوف اليهود عبد الله بن سلام، وقصة إسلامه مشهورة.
ثم حولت القبلة – في السنة الثانية – إلى القبلة التي (يرضاها) النبي لنفسه ولأمته (فلنولنيك قبلة ترضاها)
إن تحول دولة وشريعة، ذلك أن شريعة موسى هي آخر الشرائع، ودولة بني إسرائيل هي آخر الدول القائمة على أساس ديني، وهذا إشعار بتحويل الشريعة، بنسخ القديم، وتحول الدولة إلى دولة محمد صلى الله عليه وسلم، إنه الإظهار الرباني لهذا الدين، وبيان أن شريعة موسى، ودولة موسى على رغم تقدير رسول الله له – شريعة ودولة لم تعد تصلح الآن.
وتحولت القبلة، فتحولت معها بعض القلوب، أو قل ظهر ما بها من حولٍ نعم: هي قلوب حولاء، لكنها تخفى هذا الحول – حتى إذا جاء الاختبار لم تصبر علىالإخفاء ..
[سيقول السفهاء من الناس ماولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، قل لله المشرق والمغرب، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً، وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقيبه، وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله، وما كان الله ليضيع إيمانكم، إن الله بالناس لرؤوف رحيم]
قال الكافرون: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا.
وقال اليهود: ماولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.
وقال المنافقون: إن كانت الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق، فقد كان على الباطل.
إنها معركة اللافتات والشعرات الإسلامية في مواجهة رسول الله (وإن كانت كبيرة إلا على الذين هدى الله)
آمنا بالله ورسوله.
كانت هذه الشعارات حرباً نفسية يروجها اليهود والمنافقون استعداداً للحرب العلنية العسكرية بينما كانت قريش تعد العدة للمواجهة أيضاً (إنهم يكيدون كيدا، وأكيد كيداً)
وعقد أول لواء للمسلمين في السنة الأولى للهجرة –أصبح للمستضعفين ألوية – أصبح المستضعفون غزاة – الله أكبر (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم) وهذا اللواء هو (لواء حمزة بن عبد المطلب) وكانت مهمته اعتراض عير لقريش قادمة من الشام، فيها أبو جهل – بالقباحة الاسم والمسمى – وثمانون من المشركين – وكان مجدي موادعاً للفريقين.
بدأت العدة منذ للحظات الأولى للاستقرار بالمدينة، فقد تلت هذا البعث عدة سرايا، منها سرية عبيدة بن الحرث وسرية سعد بن أبي وقاص وغزوة الأيواء – التي شهدها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، فاعترض عيداً لقريش وبني ضمرة، فوادعه بنو ضمرة، ورجع ولم يلق كيداً.
إن الإعداد للقاء القوم، والمناولات المتكررة للتدرب ولإخافة العدد، يستمر بغزوة بواط، ثم غزوة العشيرة، ثم بعث عبد الله بن جحش ثم غزوة سفوان وهي (بدر الصغرى) ولكن شتان شتان بينهما .. إنهما ما تشابهتا إلا في الاسم والموضف … وكانت بدر الصغرى في جمادي الآخرة ثم بعث عبد الله بن جحش في رجب ..
ثم جاء رمضان .. وكانت غزوة " بدر الكبرى " حيث اختار الله للمسلمين النفير على العير، وخفهم بطلب الانتصار لله لا الانتصار لأنفسهم (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم، وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين).
وظهرن بشائر الرحمة الربانية والجند سائرون في الرمل، فأنزل الله بالليل مطراً واحداً صلب الرمل، وثبت الأقدام، فعلمت القلوب أن هذا بشارة النصر، وسار النبي صلى الله عليه وسلم يشير على مواضع بينهما، فيقول: " هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله " فلما كانت المعركة ما تعدى واحد من الصرعى موضع إشارته صلى الله عليه وسلم " الله أكبر – إنها النبوة "
وجاءت قريش بخيلائها وفخرها لتحارب الله ورسوله والمؤمنين، واستخدم النبي صلوات الله عليه أول الأسلحة وأمضاها، قام ورفع يديه متضرعاً إلى الله حتى سقط رداؤه.
" اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك "
¥