تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان لي بالمدينة النبوية جارٌ رث الهيئة منعزلٌ عن الناس منشغل بنفسه زاد عمره على الثمانين ولم يدر بخلدي يوماً من الدهر أنه يتهجى الحروف فضلاً عن أن يعلّمها صبياً أو غيرَ صبي , وكنت -عفى الله عني- مصاباً حينها بداء العصر المستشري بين كثير من الناس إلا من رحم الله وهو: أن نحترم الناس على قدر مظاهرهم وإن كانوا أئمة فسق وضلالة ونجلهم بقدر امتلاء جيوبهم من المال ولو كان من السحت والبغاء -ولا حول ولا قوة إلا بالله-!!

ومرَّت سنواتٌ وأنا أنظر للرجل نظرةً أسأل الله أن لايؤاخذني بها فهو في عيني أحد فقراء المسلمين إن لم يكن افقرهم , وذات يومٍ كنتُ مع أحد زملائي من طلبةالعلم وسألني مرافقته إلى شيخه حتى يفرغ من أخذ درس الفرائض , فلما وصلنا لدار الشيخ ودخلنا أخذتني رعدة لا أنساها من هول ما رأيتُ.

إنه جاري الذي لم أبالِ به يوماً من الدهر , وجدنا الشيخ يتعشى ويستضيف على مائدته مجموعةً من (القطط) ولا تستغربوا نعم إنها مجموعة قطط , الشيخ يأكل سندوتش (طعمية) فيضع لقمةً في فيه ويوزع أخرى بين القطط المحيطة بها كأنها ابناؤه حتى فرغ من عشائه.

ثمّ بدأ يشرح لزميلي درسه فلا تسل عن الاستحضار والتمكن والعلم وسرعة البديهة وحفظ جدول الضرب عند حساب المسائل وسرد الأقوال وغير ذلك مما لم يكن الشيخ محضراً له ساعتئذ , وخرجنا ثمّ أخبرتُ صاحبي بما كان مني من نظرة للشيخ فوجدته كان ضحيةً مثلي من ضحايا استشراء مرض العصر وهو: أن نحترم الناس على قدر مظاهرهم وإن كانوا أئمة فسق وضلالة ونجلهم بقدر امتلاء جيوبهم من المال ولو كان من السحت والبغاء -ولا حول ولا قوة إلا بالله-!!

بعد سنوات وأنا ذاهبٌ إلى الحرم وجدت هذا العالم الفقير المعدم يحمل في يده تمرات من تمر المدينة وقارورة ملأها بماء زمزم ونحن في طريقنا للحرم كاد الفرح أن يخرج هذا الرجل عن طوره فقال لنا: كأنما قد حيزت لي الدنيا فعندي تمر المدينة وماء زمزم وأنا ذاهب لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , والله لا ينقصني من نعيم الدنيا شيء.!!

من نوادر هذا الشيخ: أنه تضلع في الفقه حتى جرى في دمه , لكنه في شبابه لم يتمكن من بلوغ غايته في علم النحو , وقبل سنوات كان (يدرُس) في حلقة صبيانٍ ألفية ابن مالك حتى حفظها وأكملها و ومدرسُه أصغر منه بأربعين عاماً على الأقل بل هو أحد العيال عليه في الفقه والفرائض.

ـ[يحيى صالح]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:58 م]ـ

سبحان الله رب العالمين

كم في الزوايا من خبايا!!!

والله قرأت وأنا أتعجب من حالي وحال المسلمين وحال هذا الشيخ!

ألا رحمة الله علينا اجمعين

جزاك الله خيرا أخانا أبا زيد

ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[26 - 11 - 07, 01:18 ص]ـ

ادمعت مقلتى والله يا ابازيد

حقا ان الله يحب الاتقياء الاخفياء

الذين ان حضروا لم يعرفوا وان غابوا لم يفتقدوا

اللهم اهد نفوسنا وارزقنا الاخلاص فى القول والعمل

ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[27 - 11 - 07, 04:33 م]ـ

جزاك الله خيراً أخي الفاضل

ـ[بن العربى الشافعى]ــــــــ[27 - 11 - 07, 08:03 م]ـ

جزاكما الله خيرا ياخوانى

ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[28 - 11 - 07, 12:26 ص]ـ

(كأنما قد حيزت لي الدنيا فعندي تمر المدينة وماء زمزم وأنا ذاهب لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , والله لا ينقصني من نعيم الدنيا شيء.!!)

لا تعليق

اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه

اللهم أصلح قلبي وعملي

.

ـ[محبة لطيبه]ــــــــ[28 - 11 - 07, 12:36 ص]ـ

وكذلك الغبراء تعني الأرض

(ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر) صحيح الترمذي

.

ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[28 - 11 - 07, 02:02 ص]ـ

قصة شجية ندية،،بارك الله فيكم فعلاً من ذكرتموهم أناس عرفوا الدين حقاً،،،،

وهذا توقيعي السابق أراه لايجاوزهم،،

قال عبد الله بن المبارك بن فضالة عن الحسن قال: إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به الناس وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به ولقد أدركنا أقوماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبداً ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم وذلك أن الله تعالى يقول {?دْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ?لْمُعْتَدِينَ} وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً رضي فعله فقال {إِذْ نَادَى? رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً}

ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 02 - 08, 07:24 ص]ـ

الشيخ الحبيب / ابن عبدالغني

جزاك الله خير الجزاء، وأجزله، وأكمله، وأوفاه.

قصة مؤثرة ومعبرة.

أسأل الله أن يرحمنا برحمته، وأن يعفو عن زللنا وتقصيرنا.

ـ[محمد العفاسى]ــــــــ[28 - 02 - 08, 12:30 م]ـ

اللهم أخرجنا من الدنيا على خير

القصة بها الكثير من العبر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير