تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا أحس أنه مذنب وأن الواجب عليه أن يتوب إلى الله احتقر نفسه وانكسر قلبه بين يدي الله - تعالى - وأقبل على الله - تعالى - إقبال الأواه التائب الطالب الراغب وهنيئا لأقوام دخلوا المسجد بذنوب فخرجوا كيوم ولدتهم أمهاتهم وهنيئا لأقوام خرجوا من اعتكافهم قد نفضت من على ظهورهم السيئات والأوزاروهنيئا لأقوام بُيّضت صحائف أعمالهم من ذنوب الأعمار هنيئا لمن أخلص لله - تعالى - فتأدب مع الله فخرج من هذا المسجد ومن المساجد معتكفا بأعظم مثوبة وأعظم جزاء.

من الناس من خرج من المسجد بسعادة لا شقاء بعدها أبدا وكم من معتكف خرج من مسجده وقد عتقت رقبته من النار، وكم من معتكف خرج من مسجده بالفردوس الأعلى من الجنة، أي شيء تطلبه حتى تتأدب مع الله، وتعرف مع من تُعامل، مع من تتعامل، ومن تعبد، ومن ترجو، ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، هذا الرب الحليم الرحيم الكريم الجواد العظيم، الذي بشربة ماءٍ لكلب غفر ذنوب العمرهذا الرب الذي لا تنقضي خزائنه ولا تنتهي فضائله ونوائله - عز وجل - وهو ذو الفضل العظيم.

فإذا علمت من هو الله الذي تعامله وأنها سوق رابح وأنك داخل على باب من أبواب الرحمة لا يعلم مداه وقدره إلا الله - تعالى -.

يا هذا أين أنت أنت في الرحاب الطاهرات والمنازل المباركات وفي بيوتٍ أذن الله أن ترفع.

تتأدب مع الله - تعالى - حينما تعلم من هو الرب الذي تعبده؟ ومن هو الرب الذي تناجيه؟ من هو الكريم الذي ينفحك برحماته وبركاته وعطاياه - عز وجل -؟ نسأل الله العظيم أن يجعل لنا ولكم من ذلك أوفر الحظ والنصيب ..

مما ينبغي للإنسان أن يستشعر أيضا في اعتكافه: حسن الظن بالله - تعالى - فالأدب مع الله في بيوته وفي العبادات أن يحسن العبد الظن بربه - تعالى - ولذلك تجد المحسنين الذي أحسنوا الظنون بربهم إذ ا قرؤوا القرآن خشعت قلوبهم وبكت من خشية الله عيونهم وسكنت في طاعة الله جوارحهم وخضعت لربهم.

كذلك أيضا مما يعين على الأدب في حالة الاعتكاف: مراعاة حقوق النفس أن يتأدب المعتكف مع نفسه.

والأدب مع النفس له جوانب عديدة:

على المعتكف أن يعرف من هو؟ ومن هي نفسه الأمارة بالسوء؟ ويتأدب مع هذه النفس فلا يعطيها أكثر من حقها ولا يحملّها فوق ما تطيق حتى يُقبل على العبادة بسنة واتباعٍ لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيدا عن غلو الغالين بعيدا عن الرهبانيّة والتنطع والغلوّ في الدين يقبل على اعتكافه متّبعا رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - حنيفية سمحاء ورحمة من أرحم الراحمين لا غلوّ فيها ولا شطط يقبل بنفس منشرحة لا تحمّل فوق ما تطيق قال صلى الله عليه وسلم يشير إلى هذا الأدب: ((أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا)).

وقال صلى الله عليه وسلم في الذي يعذب نفسه ويجهد نفسه ويحملّها فوق ما تطيق: ((إن المنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع)).

يسهر الإنسان سهرا لا يعطي نفسه حق النوم في النهار ويقدم على العبادة بجد واجتهاد فوق الطاقة فعندها يمرض أو يسقط، فلا هو بقي له جسده ولا هو كملت له عبادته وهذا شيء مذموم في الشرع غير محمود جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتيسير، ولم يأت بالتعسير جاء بالرحمة ولم يأت بالعذاب رأى رجلا قام في الشمس فقال: ((من هذا؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم فلا يقعد وأن لا يستظل وأن يصوم ولا يفطر فقال: إن الله عن تعذيب هذا لنفسه لغني)).

فالله لا تنفعه طاعة المطيعين ولا تضره معصية العاصين فيتأدب مع نفسه فلا يحملها ما لا تطيق وإنما يأخذها بالسماحة واليسر.

وهناك جوانب عديدة في الأدب مع النفس منها: عدم العجب وما أهلك العابد في عبادته شيء مثل العجب والغرور.

يدخل الإنسان إلى المسجد فيخلّي الشيطان بينه وبين عبادته فيخشع قلبه وينشرح صدره ويُقبل على العبادة إقبال المجدّين حتى إذا انتهى منها جاءه الشيطان من حدب وصوب وأشعره بأنه قد فاز وأنه قد نال الدرجات العلا حتى إن قدميه قد وطئت جنة الله - تعالى - من الغرور وعندها يمقته الله – تعالى - ولربما أحبط عمله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير