تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قصتان تبينان: أن العوام بفطرتهم السليمة ينكروا ما لا يأتي به الشرع]

ـ[أبو القاسم المحمادي]ــــــــ[23 - 05 - 10, 12:38 ص]ـ

[قصتان تبينان: أن العوام بفطرتهم السليمة ينكروا ما لا يأتي به الشرع]

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.

فدين الإسلام هو دين الفطرة؛ كما قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، ولذلك لا يمكن أن تجد في الإسلام ما يناقض الفطرة المستقيمة.

والفطر السليمة -التي فطر الله الناس عليها- تؤمن بوجود الله تعالى، وهي مجبولة على عبادته وحده لا شريك له، وعلى محبته تعالى وتعظيمه، وعلى قبول تشريعه والرضا به، ولا يمكن أن يعدل عن هذه الفطرة إلا من اجتالته الشياطين.

وفي الأثر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن رجلاً سأله عن شيء من الأهواء، فقال له: (الزم دين الصبي والأعرابي، والْهُ عما سوى ذلك).

وهاتان قصتان تبينان أن العوام الذين لم تتلوث أفكارهم بشيء من الأهواء قد يعرفون الحق بفطرتهم السليمة، وهي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ذكرها في أكثر من موضع من دروسه المباركة فجمعتها هنا، قال رحمه الله:

- أذكر ذات مرة أنا كنا نتحدث في مجلس حوالي عام 1380هـ، فتكلم بعض الإخوة المدرسين بقول أهل التعطيل في استواء الله على العرش، فقال: قوله تعالى: (ثم اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)، يعني: استولى عليه، فأنكر عليه أحد العامة، وقال باللغة العامية: (الله يعطيه العمى، إذن العرش من هو عنده بالأول، أما تستحي من نفسك)، فسبحان الله!، حتى أنا تعجبت، فقلت له: (هل أنت سمعت من عالم من قبل)، فقال: (لا هذه واضحة، خلق السماوات والأرض ثم استولى، طيب عند من العرش قبل)، ومن العجب أن هذا العامي الذي ما درس أبداً، فهم المسألة على الوجه الصحيح، وذاك الرجل الذي قالوا إنه جاء ليدرس، فهمها على غير الوجه الصحيح.

- وما أظرف قصة ذكرها لي بعض الناس عليه رحمه الله قال لي: أن رجلاً عامياً من أهل نجد كان في المسجد الحرام في زمن قديم قبل أن تتوسع مدارك الناس وفهومهم وعلومهم، فلما أن أقيمت الصلاة وأراد أن يصلي صلاة الظهر وقف بجانبه رجل لا يعرف إلا الجهر بالنيّة، فلما كبر الإمام، وأراد أن يصلي هذا الرجل قال: (اللهم إني نويت أن أصلي صلاة الظهر أربع ركعات لله تعالى، في المسجد الحرام، خلف إمام المسجد الحرام)، فلما أراد أن يكبر، أمسك بيده العامي، وقال له: (اصبر، اصبر، يا رجل، بقي عليك شيء)، قال: (وماذا بقي، كل شي قلته)، قال: (بقي عليك التاريخ، قل في يوم كذا، من شهر كذا، من سنة كذا، حتى لا تضيع، هذه وثيقة)، فتعجّب الرجل، وقال له العامي أيضاً: (هل أنت تعلم ربك بنيتك؟، الله أعلم بنيتك)، فعرف الرجل أنه غلطان، ولعله ترك ذلك إن شاء الله، والحقيقة أنها محل التعجب هل أنت تعلم الله عز وجل بما تريد؟، الله يعلم ما توسوس به نفسك، هل تعلم الله بعدد الركعات والأوقات؟ لا داعي للكلام بالنية، هو يعلم هذا، فالنية محلها القلب.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير