تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت لأخذه فالتفت فإذا النبي صلىالله عليه وسلم فاستحييت منه، وفي رواية لمسلم عنه: قال: أصبت جراباً من شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت: لا أعطي اليوم أحداً من هذا شيئاً، فالتفت فإذا رسول الله صلىالله عليه وسلم مبتسماً. فهذا فعل رسول الله صلىالله عليه وسلموإقراره في حل ذبائح أهل الكتاب.

وأما الإجماع فقد حكى إجماع المسلمين على حل ذبائح أهل الكتاب غير واحد من أهل العلم منهم صاحب المغني، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية قال: ومن المعلوم أن حل ذبائحهم ونسائهم ثبت بالكتاب والسنة والإجماع، وقال: ما زال المسلمون في كل عصر ومصر يأكلون ذبائحهم فمن خالف ذلك فقد أنكر إجماع المسلمين اهـ. ونقل الإجماع ابن كثير في تفسيره المطبوع مع تفسير البغوي، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً: بل الصواب المقطوع به أن كون الرجل كتابياً أو غير كتابي هو حكم مستقل بنفسه لا بنسبه، وكل من تدين بدين أهل الكتاب فهو منهم سواء كان أبوه أو جده داخلاً في دينهم أو لم يدخل وسواء كان دخوله قبل النسخ والتبديل أو بعد ذلك، وهذا مذهب جمهور العلماء كأبى حنيفة ومالك والمنصوص الصريح عن أحمد - وإن كان بين أصحابه في ذلك نزاع معروف -. وهذا القول هو الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم، ولا أعلم في ذلك بين الصحابة نزاعاً، وقد ذكر الطحاوي أن هذا إجماع قديم انتهى كلامه رحمه الله.

وبهذا تحدد المقام الأول: وهو حل ذبيحة أهل الكتاب (اليهود والنصارى) بالكتاب والسنة والإجماع، فأما غيرهم من المجوس والمشركين وسائر أصناف الكفار فلا تحل ذبيحتهم لمفهوم قوله تعالى:] وطعام الذين أوتوا الكاب حل لكم [، فإن مفهومها أن غير أهل الكتاب لا يحل لنا طعامهم أي: ذبائحهم، ولأن الصحابة رضي الله عنهم لما فتحوا الأمصار امتنعوا عن ذبائح المجوس، وقال في المغنى: أجمع أهل العلم على تحريم صيد المجوسي وذبيحته إلا ما لا ذكاة له كالسمك والجراد، وقال: وأبو ثور أباح صيده وذبيحته، وهذا قول يخالف الإجماع فلا عبرة به، ثم نقله عن أحمد أنه قال: لا أعلم أحداً قال بخلافه أي بخلاف تحريم صيد المجوسي وذبيحته إلا أن يكون صاحب بدعة اهـ. قال: وحكم سائر الكفار من عبدة الأوثان والزنادقة وغيرهم حكم المجوس في تحريم ذبائحهم وصيدهم، لكن ما لا يشترط لحله الذكاة كالسمك والجراد فهو حلال من المسلمين وأهل الكتاب وغيرهم.

المقام الثاني: إجراء ما ذبحه من تحل ذبيحته على أصل الحل.

وهذا المقام له ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن نعلم أن ذبحه كان على الطريقة الإسلامية بأن يكون ذبحه في محل الذبح، وهو الحلق، وأن ينهر الدم بمحدد غير العظم والظفر، وأن يذكر اسم الله عليه، فيقول الذابح عند الذبح: بسم الله.

ففي هذه الحال المذبوح حلال بلا شك، لأنه ذبح وقع من أهله على الطريقة التي أحل النبي صلىالله عليه وسلم المذبوح بها حيث قال صلىالله عليه وسلم: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة)) رواه الجماعة واللفظ للبخاري، رفي رواية له: ((غير السن والظفر، فإن السن عظم والظفر مدى الحبشة)). وطريق العلم بأن ذبحه كان على الطريقة الإسلامية: أن نشاهد ذبحه أو يخبرنا عنه من يحصل العلم بخبره.

الحال الثانية: أن نعلم أن ذبحه على غير الطريقة الإسلامية مثل أن يقتل بالخنق أو بالصعق أو بالصدم أو بضرب الرأس ونحوه، أو يذبح من غير أن يذكر اسم الله عليه.ففي هذه الحال المذبوح حرام بلا شك، لقوله تعالى:] حرمت عليكم الميتة والدم ولحم والخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب [. وقوله تعالى:] ولا تاكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ... [، ولمفهوم ما سبق من قوله صلىالله عليه وسلم: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا)). وطريق العلم بأنه ذبح على غير الطريقة الإسلامية أن نشاهد ذبحه أو يخبرنا عنه من يحصل العلم بخبره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير