373. إن تطوع بهدي غير واجب، لم يخل من حالين؛أحدهما: أن ينويه هديا، ولا يوجب بلسانه ولا بإشعاره وتقليده، فهذا لا يلزمه إمضاؤه، وله أولاده ونماؤه والرجوع فيه متى شاء، ما لم يذبحه. لأنه نوى الصدقة بشيء من ماله، فأشبه ما لو نوى الصدقة بدرهم. الثاني: أن يوجبه بلسانه، فيقول: هذا هدي. أو يقلده أو يشعره، ينوي بذلك إهداءه، فيصير واجبا معينا، فإن تلف بغير تفريط منه، أو سوق، أو ضل، لم يلزمه شيء؛لأنه لم يجب في الذمة، إنما تعلق الحق بالعين.437
374. إذ أوجب هديا فله إبداله بخير منه، وبيعه ليشتري بثمنه خيرا منه. 441
375. الصحيح أنه إذا ولدت الهدية فولدها بمنزلتها إن أمكن سوقه وإلا حمله على ظهرها، وسقاه من لبنها، فإن لم يمكن سوقه ولا حمله، صنع به ما يصنع بالهدي إذا عطب، ولا فرق في ذلك بين ما عينه ابتداء وبين ما عينه بدلا عن الواجب في ذمته.441
376. للمهدي شرب لبن الهدي؛لأن بقاءه في الضرع يضر به، فإذا كان ذا ولد، لم يشرب إلا ما فضل عن ولده.442
377. فإن شرب ما يضر بالأم، أو ما لا يفضل عن الولد، ضمنه؛لأنه تعدى بأخذه.442
378. إن كان صوفه الهدي يضر بها بقاؤه، جزه وتصدق به على الفقراء. 442
379. الفرق بين الصوف وبين اللبن، أن الصوف كان موجودا حال إيجابها، فكان واجبا معها، واللبن متجدد فيها شيئا فشيئا، فهو كنفعها وركوبها. 442
380. لصاحب لهدي ركوبه عند الحاجة، على وجه لا يضر به.وقيل يجوز ولو من غير حاجة لما روى أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٌ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى رَجُلا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: " ارْكَبْهَا ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهَا بَدَنَةٌ. فَقَالَ:" ارْكَبْهَا، وَيْلَك ". فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.442
381. يستحب للمهدي أن يتولى نحر الهدي بنفسه؛لأن النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ نحر هديه بيده. فإن لم يذبح بيده، فالمستحب أن يشهد ذبحها. ويستحب أن يتولى تفريق اللحم بنفسه؛لأنه أحوط وأقل للضرر على المساكين، وإن خلى بينه وبين المساكين جاز. 443
382. يباح للفقراء الأخذ من الهدي إذا لم يدفعه إليهم بأحد شيئين؛أحدهما، الإذن فيه لفظا، والثاني، دلالة على الإذن، كالتخلية بينهم وبينه. 444
383. يأكل المحرم من هدي التمتع والقران دون ما سواهما من الهدايا الواجبة. 446
384. هدي التطوع، وهو ما أوجبه بالتعيين ابتداء؛ من غير أن يكون عن واجب في ذمته، وما نحره تطوعا من غير أن يوجبه، فيستحب أن يأكل منه؛لقول الله تعالى: " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ " وقوله تعالى: " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ". وأقل أحوال الأمر الاستحباب. ولأن النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أكل من بدنه. فإن لم يأكل فلا بأس. 446
385. إن أكل مما ما منع من أكله، ضمنه بمثله لحما. وإن أطعم غنيا منها، على سبيل الهدية، جاز، كما يجوز له ذلك في الأضحية؛لأن ما ملك أكله ملك هديته. وإن باع شيئا منه، أو أتلفه، ضمنه بمثله؛لأنه ممنوع من ذلك، فأشبه عطيته للجازر. وإن أتلف أجنبي منه شيئا، ضمنه بقيمته؛لأن المتلف من غير ذوات الأمثال، فلزمته قيمته، كما لو أتلف لحما لآدمي معين.447
386. الهدي الواجب بغير النذر ينقسم قسمين: منصوص عليه، ومقيس على المنصوص
• القسم الأول المنصوص عليه:
1. اثنان على الترتيب، والواجب فيهما ما استيسر من الهدي، وأقله شاة، أو سبع بدنة، أحدهما دم المتعة، قال الله تعالى: "فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ ". والثاني، دم الإحصار،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ ". وهو على الترتيب أيضا، إن لم يجده انتقل إلى صيام عشرة أيام.
¥