ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[21 - 02 - 2007, 01:19 ص]ـ
الأستاذ أبو أحمد ..
أحييك أيها الأخ الفاضل، وأشكرك جزيل الشكر على ما تقدحه أسئلتك وطروحاتك من مساجلات، أفيد منها أولاً، وأرجو لها أن تفيد ثانياً.
وجواباً على سؤالك الأول، فأنا لم أضع أي وزن جديد، ولا أحبذ الذين يضعون الأوزان الجديدة، فقط ليُقال إنهم ابتكروا مثل هذه الأوزان. ولكنني لا أقف ضد الجديد الذي يجيء موافقاً للفطرة، ويجد القبول من الشعراء المبدعين، كالذي حصل مع بحر الخبب، وبحر الدوبيت، والسلسلة، والبحر اللاحق، حتى لو كان قبولها وانتشارها محدوداً.
ولكنني قمتُ بتأصيلٍ جديد لعدد من البحور المخترعة، ونشرتها في مجلة الدراسات اللغوية، وجمعتها في كتاب لي تحت الطبع، بعنوان: بحور لم يؤصلها الخليل، وهي ستة بحور: الخبب، والمتدارك (وهما بحران منفصلان لا رابط بينهما)، والدوبيت والسلسلة: في دراسة مطولة نشرت في كتاب لي منفصل، تحت اسم: البحر الدبيتي، والمخلّع (وهو ما يعرف قديماً بمخلع البسيط، وليس من البسيط)، وأخيراً البحر اللاحق.
ولا أخفيك، أنني على كثرة اطلاعي في هذا المجال، لم أستطع الحصول على كتاب الأستاذ مرعي، لعدم توفره في السعودية، وأتمنى فعلاً أن أطّلع عليه.
وأستبق الحدث، لأقول: من الصعب جداً على أحد اختراع البحور، ولكن ليس من الصعب أبداً اختراع الصور التي تندرج تحتها كما هو الحال في أمثلتك التي أوردتها لما سماه الأستاذ مرعي بالبحر الشجيْ (وليس الشجيّ)!!!
وإذا كانت البحور الجديدة التي أوردها الأستاذ على شاكلة هذا البحر، فهي ليست من البحور الجديدة، ولا يجوز أبداً تشويش الأذهان بتسميات جديدة لأوزان معروفة، أو يمكن إدراجها تحت وزن معروف.
والوزن المذكور، كما هدتك إليه ذائقتك، هو الوافر بعينه. وكنت قد استنبطته قياساً، ومثلتُ له بقولي:
جبلُتُكِ دُمْيةً بدِمائِيَهْ ** وقلتُ لكِ اسكني أضلاعِيَهْ
زرعتُكِ في شعوريَ نفحَةً ** تضوعُ على الدُّنا نَفَحاتِيَهْ
(مفاعلتن مفاعلتن فعو ** مفاعلتن مفاعلتن فعو)
يجوز في زحافها ما يجوز في الوافر.
ثمّ وجدتُ شاهده عند ابن سناء الملك، في موشحة قال ابن سناء إنه مخترع وزنها! يقول فيها:
أرى نفسي لقلبي واهِبَهْ ** ولم تحفِلْ بحُسْنِ العاقِبَهْ
ومنها:
وشمسُ الأفْقِ منهُ شاحِبَهْ ** وقد يُغنيكَ عنها غائِبَهْ
وقد استخدم بعض المحدثين هذا الوزن في أشعارهم.
ولا يجوز البتة تفعيل مثل هذا الوزن كما فعّله الأستاذ مرعي، إذ لا يجوز أن ترد فعولن إلى جانب فاعلن. وإنما هو كما فعّلناه. وباعتماد (فعولن) التزم الأستاذ مرعي بزحاف مفاعلتن الثانية على مفاعيلن، وهو لزوم ما لا يلزم.
ويدلّك على ذلك أن الأستاذ مرعي، عندما حذف ألف فاعلن، في بعض الأعاريض والأضرب (المخبونة) التي ذكرها، أصبح الوزن فيها غير مقبول على الإطلاق، لأن ألِف فاعلن هنا، هي نون مفاعلتن هناك، فصار الوزن عنده: (مفاعلتن مفاعَلْتُ فعو)،
وسقوط نون مفاعلتن لا يجوز إلاّ في أقبح الزحافات.
فكيف إذا جاءت اللام متحركةً على أصلها، كما في قول ابن سناء الملك:
تطوّقها الخلائقُ قاطِبَهْ
(مفاعلَتن مفاعلتن فعو)
أفيجوز لدى الأستاذ مرعي أن يفعّلها على: (مفاعلتن فعولَتُ فاعلن)؟!!
كما أن الضرب المقطوع (فعْلن) جاء عنده بسبب هذا الاعتبار، فأصبح الوزن: (مفاعلتن مفاعيلُ فعو)
ولذلك لا يصح عندنا من الأشكال السبعة إلاّ ثلاثة أشكال لا غير هي:
1ـ العروض الصحيحة والضرب الصحيح:
يحدثني أرى من صِدْقِهِ = وفي غدِهِ أرى من كذْبِِهِ
(مفاعلتن مفاعلْتن فعو ** مفاعلتن مفاعلْتن فعو)
4ـ العروض الصحيحة والضرب المذيل:
تراسله لحبٍّ شفَّها = وتسأله لقاء العاشقينْ
(مفاعلتن مفاعلْتن فعو ** مفاعلتن مفاعلْتن فعولْ)
7ـ العروض المجزوءة الصحيحة والضرب المجزوء الصحيح:
يجيءُ بألف فتوى = تُحلّلُ لي سُباتي
(مفاعلتن فعولن ** مفاعلتن فعولن)
ويمكننا أن نضيف مما لدينا شواهده:
(مفاعلتن مفاعلْتن فعو ** مفاعلتن مفاعلْتن فعولن)
وكذلك:
(مفاعلتن مفاعلْتن فعولن ** مفاعلتن مفاعلْتن فعو)
شكر الله لك أيها الفاضل، وأعتذر لك عن الإطالة.
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[21 - 02 - 2007, 09:48 ص]ـ
بوركت يا دكتور عمر وبورك عطاؤك الثر،
وجزاك الله خير الجزاء على ما أفدتنا به، وليتنا نتمكن من
¥