وكذلك من الأمثلة على رجوع شيخ الإسلام لكتب التفسير، قال:
وقال الله تعالى: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) أي: حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين هو الله، فهو كافيكم كلكم.
وليس المراد أن الله والمؤمنين حسبك، كما يظنه بعض الغالطين، إذ هو وحده كاف نبيه وهو حسبه، ليس معه من يكون هو وإياه حسبا للرسول.
وهذا في اللغة كقول الشاعر:
فحسبك والضحاك سيف مهند ...
وتقول العرب: حسبك وزيدا ً درهم، أي يكفيك وزيدا ً جميعا ً درهم. [16]
4 ـ كتب اللغة وفقه اللغة:
وهذا يظهر جليا ً في القاعدة الرابعة من القواعد السبع في الأصل الأول من الرسالة [17]، وذلك عندما بين معنى حرف الخفض (في) ودلالاته، وأيضا ً بين معنى كلمة " السماء " وأن المراد بها مطلق العلو وليس الطباق المبنية.
قال شيخ الإسلام: وكذلك قوله (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور) من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله تعالى في داخل السماوات، فهو جاهل ضال بالإتفاق، وإن كنا إذا قلنا: إن الشمس والقمر في السماء يقتضي ذلك، فإن حرف (في) متعلق بما قبله وبما بعده، فهو بحسب المضاف والمضاف إليه ... [18]
5 ـ كتاب الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله، للإمام أحمد بن حنبل:
فقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الكتاب، فقال: ولهذا كان الأئمة كالإمام أحمد وغيره ينكرون على الجهمية وأمثالهم من الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ـ تأويل ما تشابه عليهم من القرآن على غير تأويله، كما قال الإمام أحمد في كتابه الذي صنفه في " الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله "
وإنما ذمهم لكونهم تأوّلوه على غير تأويله، وذكر في ذلك ما يشتبه عليهم معناه، وإن كان لا يشتبه على غيرهم ... [19]
6ـ الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، لأبي المعالي الجويني:
قال شيخ الإسلام: فلهذا تجد هؤلاء يسمون من أثبت العلو ونحوه مشبها ً، ولا يسمون من أثبت السمع والبصر والكلام ونحوه مشبها ً كما يقوله صاحب" الإرشاد" وأمثاله. [20]
7 ـ أبكار الأفكار للآمدي:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد اعترض طائفة من النفاة على هذه الطريقة باعتراض مشهور لبسوا به على الناس حتى صار كثير من أهل الإثبات يظن صحته ويضعف الإثبات به، مثل ما فعل من فعل ذلك من النظار حتى الآمدي وأمثاله، مع أنه أصل قول القرامطة وأمثالهم من الجهمية ...
ثم نقل قول الآمدي فقال الآمدي: القول بأن لو لم يكن متصفا ً بهذه الصفات كالسمع والبصر والكلام مع كونه حيا ً، لكان متصفا ً بما يقابلها، فالتحقيق فيه متوقف على بيان حقيقة المتقابلين وبيان أقسامها ... وهذا الكلام نقل من أبكار الأفكار للآمدي كما أفاده محقق الكتاب. [21]
· منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية:
أولا ً: القواعد المنهجية:
1ـ استخدام منهج المقارنة، ومنهج التحليل والنقد في تناول قضايا الكتاب:
فقد قارن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في أكثر من موضع بين الأشاعرة والمعتزلة، وبين الأشاعرة والمعتزلة مع الفلاسفة والباطنية، وقارن أيضاً هذه المذاهب مع مذهب السلف.
وكذلك فقد عرض المذاهب ونقدها، مثل عرضه لمذهب الأشاعرة في إثبات الصفات السبع [22] وتأويل الباقي منها، ورد عليهم وألزمهم بأشياء فيما نفوه من الصفات بما أثبتوه فيها.
وأيضا ً فقد عرض التوحيد عند المتكلمين وفصلّه، ثم ناقشه، ثم قارنه مع التوحيد الذي جاءت به الأنبياء والرسل ... إلى غير ذلك.
وفيما يلي ذكر بعض الأمثلة مع التفصيل:
المثال الأول:
بين شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ طريقة الرسل في إثبات الصفات ونفيها [23]، وأوضح أن هذه هي طريقة السلف، ثم شرع يبين مذاهب المخالفين للرسل.
وفي عرضها إجمالاً هي مقارنة مع طريقة الرسل.
ثم بدأ يفصل ويحلل هذا المذاهب ويرد عليها.
بدأ شيخ الإسلام بعرض مذهب الباطنية، ثم رد عليه [24]، وبعدها عرض مذهب الفلاسفة وناقشه [25]، ثم انتقل إلى مذهب المعتزلة ورد عليه. [26]
¥