بعد هذا ناقش جمع هذه الطوائف في نفيهم الصفات وأورد مسألة اتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات، وهذا جواب عن شبهتهم في نفي الصفات، وهي التشبيه، فبين أن إثبات الصفات لا يستلزم التشبيه، وأسهب المصنف في بيان هذا الأصل.
وبعد هذا الإستدلال والمناقشة يذكر ـ رحمه الله ـ النتيجة، وهي: إثبات ما أثبته الله لنفسه، ونفي مماثلته لخلقه.
المثال الثاني:
وبعد هذه المقارنة والتحليل والمناقشة وذكر النتيجة في المثال الأول، ذكر شيخ الإسلام أصلان لتقريب ما استدل إليه.
وفي هذين الأصلين تحليل ونقد أيضاً:
جاء في الأصل الأول [27] عرض وتحليل مذهب الأشاعرة بإثباتهم الصفات السبع ثم اتبعه مناقشة لهم في نفيهم بعض الصفات، ثم ذكر اعتراضات الأشاعرة بالتفصيل، ثم ناقش كل جزئية اعترضوا عليها. [28]
وفي نهاية رد شيخ الإسلام على الأشاعرة عقد مقارنة بين الأشاعرة والمعتزلة بذكر عرض ٍ لرد المعتزلة على الأشاعرة ورد الأشاعرة على المعتزلة [29] ثم يلزم الأشاعرة في باقي الصفات بما ألزموا به المعتزلة في الصفات السبع.
ثم يتابع شيخ الإسلام الرد على الأشاعرة بأن الصفات السبع إن كان دل عليها العقل فإن باقي الصفات يدل عليها العقل أيضا ً، وأن لم يكن العقل دل عليها، فإن السمع دل عليها وهو وحده كاف ٍ لإثباتها، كذلك ما لم يدل العقل على إثباته، لا يدل على أن العقل ينفيه.
بعد هذا بدأ شيخ الإسلام بعرض مذهب الباطنية الذين ينفون النفي والإثبات ورد عليهم. [30]
وفي عرض شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ هذا منهج مقارنة بديع بين الحق من الباطل.
فقد بين طريقة الرسل في بالنفي والإثبات ومنهج القرآن في هذا، هي طريقة السلف، ثم بعد هذا رتب المخالفين بالأخف فالأشد منه، فبدأ بطريقة الأشاعرة وبين مذهبهم، هو إثبات شيء من الصفات، ثم ثنى بالمعتزلة، وهو إثبات الأسماء دون الصفات ـ هذه مقارنة بلاشك ـ، ثم ذكر بعد المعتزلة الجهمية المنكرون للأسماء والصفات، ثم الباطنية المنكرون للنفي والإثبات مثل قولهم: لا عليم ولا ليس بعليم.
ففي عرض شيخ الإسلام هذه المذاهب على هذا الترتيب بعد أن أصل المسألة بذكر طريقة الرسل منهج مقارنة بديع بين الحق فيه ونبه على الخطأ والضلال، مع تخلل الردود والمناقشات في هذه المقارنة بعد ذكر قول كل مذهب.
المثال الثالث:
ذكر شيخ الإسلام في الأصل الثاني (في النفي والإثبات):
أن القول في الذات كالقول في الصفات. [31]
وفي هذا الأصل ذكر مذهب الأشاعرة في الصفات، وحلل أجزاءه ثم ناقشه، فبين أولا ً التأصيل والقاعدة في المسألة وهو أننا نثبت لله ذاتا ً لا تشبه الذوات فكذلك الصفات، نثبت لله صفاتا ً لا تشبه الصفات.
فإذا تبين هذا فإن هذا الكلام لازم في العقليات وفي تأويل السمعيات (أي تفسيرها).
ثم قسم مذهب الأشاعرة وتكلم عن طريقتهم في الإثبات، ثم طريقتهم في النفي.
وبعد هذا ناقشهم وألزمهم فيما يثبتونه بإلزامات تثبت لما نفوه فيما أثبتوه، وأن الصفات السبع التي دل عليها العقل فإن باقي الصفات أيضا ً يدل عليها العقل، ثم حجهم بأن ليس في تأويلهم لباقي الصفات قانون مستقيم.
المثال الرابع:
في المثلين اللذين ضربهما شيخ الإسلام لبيان التباين بين صفات الخالق عن المخلوقين [32] كان المثل الأول عن الدلالة اللغوية بين الموجودات في الجنة والدنيا، استطرد وذكر مذاهب الناس فيما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر بمنهج مقارنة بين المذاهب، فذكر أولاً مذهب السلف والأئمة وأنهم أثبتوا ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر، ثم ذكر الفريق الثاني وهم الذين أثبتوا ما أخبر الله به في الآخرة من الثواب والعقاب، ونفوا كثيرا ً مما أخبر به من الصفات، ثم ذكر الفريق الثالث وهم الذين نفوا الأمرين كالقرامطة الباطنية والفلاسفة.
وهذا منهج مقارنة بين ثلاث طوائف فذكر منهج السلف، ثم ثنى بأهل الكلام، وبين مدى قربهم وبعدهم من مذهب السلف، ثم ذكر مذهب الفلاسفة والباطنية وبعدهم كل البعد عن الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
المثال الخامس:
¥