روى الباغندي و الحسن بن علي المعمري و غيرهما عن احمد ابن عبيد الله بن الحسن العنبري قال وجدت في كتاب أبي ثنا عبد الملك ابن أبي سليمان العرزمي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية كنت فيها فاصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا القبلة ههنا قبل الشمال فصلوا و خطوا خطا وقال بعضنا القبلة ها هنا قبل الجنوب و خطوا خطا فلما اصبحنا و طلعت الشمس اصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فقدمنا من سفرنا فاتينا النبي صلى الله عليه و سلم فسالناه عن ذلك فسكت و انزل الله عز و جل و لله المشرق و المغرب فاينما تولوا فثم وجه الله.
قال شيخ الإسلام: (و هو اسناد مقارب، و بعض هذه الطرق مما يغلب على القلب ان الحديث له اصل و هو محفوظ فان المحدث إذا كان إنما يخاف عليه من سوء حفظه لا من جهة التهمة بالكذب فاذا عضده محدث اخر أو محدثان من جنسه قويت روايته حتى يكاد احيانا يعلم أنه قد حفظ ذلك الحديث لا سيما إذا جاء به محدث اخر عن صحابي اخر فان تطرق سوء الحفظ في مثل ذلك إلى جماعة بعيد لا يلتفت اليه الا ان يعارض حديثهم ما هو اصح منه).
ومنها أن تفسير القرآن بالقرآن هو أولى التفاسير ما وجد اليه السبيل ولهذا كان يعتمده الصحابة والتابعون والأئمة بعدهم والله تعالى ذكر في القرآن القبلة باسم القبلة والوجهة وذكر وجهه الكريم باسم الوجه المضاف اليه فتفسيره في هذه الآية بنظائره هو المتعين
قلت: ما ذهب إليه شيخ الإسلام هو بعينه تفسير القرآن بالقرآن، حيث جمع بين هذه الآية وما شابهها من الآيات، كقوله تعالى: (ولله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)، وقوله تعالى: (ولكل وجهة هو موليها)، وقوله تعالى: (ورحمتى وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون) الذي يجانس تلك الآية في ورود الخاص بعد العام مباشرة من غير العطف.
ومنها أنك إذا تأملت الأحاديث الصحيحة وجدتها مفسرة للآية مشتقة منها:
كقوله صلى الله عليه و سلم "إذا قام أحدكم الى الصلاة فانما يستقبل ربه"
وقوله: "فإن الله يقبل إليه بوجهه عنه"
وقوله: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصقن قبل وجهه" وقوله: "فان الله بينه وبين القبلة"
وقوله: "ان الله يأمركم بالصلاة فاذا صليتم فلا تلتفتوا فان الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت" رواه ابن حبان في صحيحه والترمذي
وقال: "ان العبد اذا توضأ فأحسن الوضوء ثم قام الى الصلاة أقبل الله عليه بوجهه فلا ينصرف عنه حتى ينصرف أو يحدث حدث سوء"
وقال جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم: "إذا قام العبد يصلي أقبل الله عليه بوجهه فاذا التفت أعرض الله عنه وقال: يا ابن آدم أنا خير ممن تلتفت اليه فاذا أقبل على صلاته أقبل الله عليه فاذا التفت أعرض الله عنه"
قلت: بل في هذه الأحاديث - على قول شيخ الإسلام السابق - علم زائد على ما في الآية. ليست هي مشتقة منها. أو أن يقال: إن الآية إنما تدل على صفة الوجه من خلال معرفتنا بهذه الأحاديث. وقد قال شيخ الإسلام:
(ولكن من الناس من يسلم ان المراد بذلك جهة الله اى قبلة الله ولكن يقول هذه الآية تدل على الصفة وعلى أن العبد يستقبل ربه كما جاء فى الحديث اذا قام أحدكم الى الصلاة فان الله قبل وجهه وكما فى قوله لا يزال الله مقبلا على عبده بوجهه ما دام مقبلا عليه فاذا انصرف صرف وجهه عنه ويقول ان الاية دلت على المعنيين. . . . . . . والغرض انه اذا قيل فثم قبلة الله لم يكن هذا من التأويل المتنازع فيه الذى ينكره منكروا تأويل آيات الصفات ولا هو مما يستدل به عليهم المثبتة فان هذا المعنى صحيح فى نفسه والاية دالة عليه -- وإن كانت دالة على ثبوت صفة، فذاك شىء آخر).
وقد عرفنا قول الشيخ أيضا: (وقد يدل على الصفة بوجه فيه نظر).
قال ابن تيمية:
================================================== =======
هكذا قال جمهور السلف
ومن عدها فى الصفات فقد غلط، كما فعل طائفة
================================================== =======
قال عيد فهمي:
¥