ـ[راجى يوسف]ــــــــ[25 - 04 - 10, 04:12 م]ـ
المبحث الثالث: المسائل المشتركة بين أصول الفقه وعلم الكلام
بعد أن استعرضنا الظروف والملابسات التى تكونت فيها مدرسة المتكلمين الأصولية وكذلك الظروف التى أدت الى امتزاج المنهج النظرى التجريدى لكلا العلمين
وكذلك تعرضنا لمسألة امتزاج العلوم الشرعية عامة ولامتزاج علم الأصول بغيره خاصة
يثور السؤال الضرورى
هل هناك مسائل مشتركة بين الكلام وأصول الفقه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اطلعت على نسخة اليكترونية مصورة لكتاب (المسائل المشتركة بين أصول الفقه وعلم الكلام) للعروسى
والذى نصحنى به الاخ ابو فهر
والمصنف هنا يعطى أمثلة للمسائل المشتركة بين العلمين حوالى سبعة وخمسون مسألة مشتركة
بعضها مشترك بالفعل بين العلمين والبعض الاخر كلامى بحت وهو مقحم على علم الأصول
يقول المصنف فى تمهيده
(ولما كان بعض مسائل علم أصول الفقه تشترك مع بعض مسائل أصول الدين كمسائل الأخبار وحجية المتواتر
وأخبار الاحاد ووقوع النسخ ومسائل التكليف ........ ) وعدد مسائل عدة ثم أكمل
(ولما كان الأمر كذلك استطاع كثير ممن شارك فى علم الكلام أو كتب فيه أن يكتب فى علم أصول الفقه لانه الميدان الذى ظهر فيه اراء المعتزلة ولأنه الفن الذى يمكن فيه تقرير مذهب أبى الحسن الأشعرى أو مذهب غيره)
ثم شرع المصنف فى بحث المسائل مما أعطى تصورا فعليا عن الامتزاج بين العلمين
وكيفية وجود مسائل أصولية لها أصل عقدى
واتماما للفائدة سأحاول بحث ذلك الامتزاج فعليا بطريقتين من أسفل الى أعلى ومن أعلى الى اسفل
بمعنى بحث مسألة أصولية لها أصل عقدى وأخرى عقدية نجم عنها فرع أصولى
1 - مسألة هل مطلق الأمر يتناول المكروه؟؟؟؟؟
تلك المسألةالتى اهتم بها الأصوليون من لدن الجوينى فى برهانه الى السبكى فى جمعه
وتلك المسألة يتفرع عنها فروع فقهية عدة مثل حكم الصلاة فى أوقات الكراهة وصوم يوم النحر وغيرها
وتعتبر متداخلة مع مسألة اقتضاء النهى الفساد والتى من أشهر أمثلتها مبحث الصلاة فى الدار المغصوبة
وقد بحثها المصنف (العروسى) وارجعها الى أصل عقدى وهى مسألة المنزلة بين المنزلتين التى اشتهرت بها
المعتزلة
وخالفه بعض علماء الاصول فى أصل تلك المسألة وأرجعوها الى مسألة (هل لو الشارع أمر أمرا ثم نهى عنه فى بعض أحواله هل يعد ذلك النهى شرطا فى الأداء؟؟؟؟)
والحق أنه بعد بحثى وراء تلك المسألة لم أجد من عزاها الى المنزلة بين المنزلتين غير المصنف
ولعله من قصور بحثى
وأحسب أن تلك المسألة ترجع لمسألة التحسين والتقبيح
حيث ان الأمر من قبيل المأذون فيه شرعا وهو من أقسام الحسن اما الكراهة فتعد من المنهى عنه شرعا وهو من أقسام القبيح
والحسن والقبح لا يتواردان على فعل واحد باعتبار واحد
وللأصوليين تفريعات كثيرة ليس هنا مقام ذكرها
وخلاصة القول أن تلك المسألة الأصولية ذات التفريعات الفقهية الكثيرة والمنتشرة ترجع أصلا لمبحثا عقديا كبيرا وهى تمثل للمسائل المشتركة بين الأصلين
ومن يرد الاستزادة فليرجع الى جل كتب الأصوليين ولا سيما المعتمد لابى الحسين البصرى حيث أنه لمح
بالأصل العقدى لتلك المسألة
2 - مثال لمسألة أو قاعدة عقدية نجم عنها قواعد أصولية
انقل لكم مباحث من رسالة الدكتوراه للدكتور أيمن البدارين والمعنونة ب (نظرية التقعيد الأصولى)
بداية فان الباحث قد قسم القواعد الأصولية الى كبرى ووسطى وصغرى
ولنر أمثلة للقواعد الكبرى وما يتفرع عنها من مسائل
القاعدة الأصولية الكبرى الأولى: الحسن والقبح عقلى اضافى تابع للشرع لا عقلى ذاتى منشىء له
يتفرع عن هذه القاعدة العقدية الأصل قواعد أصولية عديدة عد الباحث منها عشرون قاعدة منها
1 - مسألة الأصل فى الأشياء الاباحة أو التحريم أو الوقف
2 - لا تعليل بالمصلحة
3 - المباح حسن
4 - يجوز التخصيص بدليل العقل
5 - يجب العمل بالقياس وخبر الواحد عقلا
6 - العلة علامة على الحكم لا موجبة له
7 - للعقل أن يحكم على وفق موجهات الشرع من عمومات وأدلة تبعية ومقاصد وقواعد
القاعدة الأصولية الكبرى الثانية: الحاكم هو الله
وان كانت هذه القاعدة تخص أصول الدين أصلا الا انها تفرعت عنها العديد من القواعد الأصولية
1 - لا تخلو واقعة عن حكم الله
2 - الاباحة الاصلية هى اباحة شرعية لا عقلية
3 - المجتهد موقع عن الله
4 - القياس حجة معتبرة شرعا
5 - اجماع الامة حجة معتبرة شرعا
6 - قول الصحابى حجة معتبرة شرعا فيما ليس للرأى فيه مدخل
7 - العرف المرسل حجة معتبرة شرعا
8 - الاستحسان ليس حجة معتبرة شرعا
9 - اجماع اهل المدينة ليس حجة معتبرة شرعا
ويقول الباحث بعد شرح تلك القواعد (هذا نزر يسير من القواعد الأصولية المتفرعة على قاعدة الحاكم هو الله
والا فالقاعدة ينبنى عليها عشرات ان لم يكن مئات القواعد الأصولية المنتشرة فى ارجاء علم أصول الفقه)
القاعدة الأصولية الكبرى الرابعة (كذا فى الأصل)
لا تكليف بما لا يطاق
ويتفرع عن تلك القاعدة العقدية قواعد أصولية شتى
1 - لا يجوز تأخير البين عن وقت الحاجة
2 - يشترط فى المكلف به ان يكون معلوما للمكلف
3 - المكره المحمول كالالة غير مكلف
4 - اتفق العلماء على جواز سقوط جميع التكاليف بزوال شرط العقل
5 - المصيب فى العقليات والعقائد واحد
6 - الأمر بالشىء نهى عن أضداده
ولم نرد الاسهاب فى بحثنا هذا وان كنا أكثرنا على القارىء فلتأكيد العرى الوثيقة بين علمى الأصول والكلام
المتمثل فى الأرضية المشتركة والمسائل المشتركة بينهما
والله أعلى وأعلم
يتبع بحول الله وقوته
¥