تبحث أنت في الأدلة حتى تصل إلى المطلوب يسمى هذا البحث ثم الحكم على المسألة بدليلها يسمى استدلالا.
ـ و الاستدلال مطلوب لكل من يمكنه أن يستدل، أما العامي فإن الاستدلال في حقه غير مطلوب لأنه قد يستدل فيستعمل الأدلة على وجه غير صحيح.
ـ الخلاصة: الاستدلال طلب الدليل، و لابد أن يكون المستدل أهلا لذلك.
الفائدة 50
31ـ و الظن تجويز امريء أمرين ... مُرَجِّحا لأحد الأمرين
32ـ فالراجحُ المذكور ظنا يُسْمَى ... و الطرف المرجوح يُسْمَى وَهْما
33ـ و الشكُّ تحريرٌ بلا رُجْحَانِ ... لواحدٍ حيث اسْتَوى الأمرَانِ
ـ ذكر المؤلف رحمه الله ما يقابل العلم، و قد سبق أن العلم حكم يقيني، و هو الظن و الوهم و الشك.
الفائدة 51
عند الأصوليين:
الظن هو ترجيح أحد الأمرين على الآخر فالراجح يسمى ظنا، و المرجوح يسمى وهما، و الشك تجويز الأمرين على السواء أي يكون مترددا على السواء.
عند الفقهاء:
الغالب عندهم استعمال الشك في مقابلة اليقين، فيشمل الثلاثة: الظن و الوهم و الشك، على السواء.
مثاله: يقولون من تيقن الطهارة، و شك في الحدث، و هذه الكلمة "شك" تشمل الثلاثة.
الفائدة 52
لماذا اختلف الأصوليون و الفقهاء؟
من أدلة الفقهاء:
1ـ لأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر أن يبني الانسان أموره على اليقين، فقال عليه الصلاة و السلام: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك، و ليبن على ما استيقن) مسلم
2ـ و قال في الذي شك هل أحدث أو لا: (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) مسلم.
من أدلة الأصوليين:
1ـ لكن من العبادات ما يكفي فيه غلبة الظن على القول الراجح، كمسألة الشك في الصلاة، هل صليت ثلاثا أم أربعا؟ فيترجح عنده أنه صلى أربعا أو صلى ثلاثا، فإنه يعمل بالظن في هذه الحالة.
2ـ و كذلك من شك في عدد الطواف، و في عدد السعي، و في عدد الجمرات إذا رمى، كم حصاة فإنه يبني على غلبة الظن على القول الصحيح.
الفائدة 53
ملخص ما سبق:
1ـ اعلم أن العلم إدراك الشيء على ما هو عليه، و أنه ينقسم إلى قسمين: ضروري و نظري.
2ـ أن الجهل على القول الصحيح هو عدم إدراك الشيء، و أنه ينقسم إلى قسمين: بسيط و مركب.
فالبسيط عدم العلم مطلقا، و المركبُ هو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه.
3ـ و اعلم أن الادراكات تنقسم إلى يقين و ظن و وهم و شك، و هذا عند الأصوليين، أما عند الفقهاء فيقولون: إما يقين و إما شك فيدخلون الظن و الوهم في الشك.
الفائدة 54 تعريف أصول الفقه
34ـ أما أصول الفقه معنى بالنظر .. .للفن في تعريفه فالمعتبر
35ـ في ذاك طرق الفقه أعني المُجْمَلَه ... كالأمر أو كالنهي لا المُفَصَّلَه
36ـ و كيف يستدل بالأصول ... و العالم الذي هو الأصولي
ـ يقول المؤلف رحمه الله: فهو يعود إلى ثلاثة أشياء:
1ـ معرفة طرقه الإجمالية.
2ـ و كيفية الاستدلال بها.
3ـ و حال المستدل.
الفائدة 55
قولنا معرفة طرقه الإجمالية:
ـ كأن تقول: الأمر ما هو؟ و ما الذي يقتضيه؟ و النهي ما هو؟ و ما الذي يقتضيه؟ و ما أشبه ذلك.
ـ و نقول مثلا: الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء، و لا نقول: الأمر قوله تعالى (و أقيموا الصلاة) لأن هذا تفصيل، لا يدخل في أصول الفقه ..... و إنما يأتي على سبيل التمثيل!
ـ يعني مثلا:
الأمر يقتضي الوجوب و مثاله قوله تعالى: (و أقيموا الصلاة).
الفائدة 56
وقولنا كيفية الاستدلال بها:
ـ مثال ذلك: العام، يأتيك لفظ عام، إذا قلت: أكرم الطلبة، هذا عام، من الطلبة من اسمه عبد الله، هل يكرم عبد الله أم لا؟
نعم، كيف تعلم أنه يكرم؟
نعرف ذلك بأننا قرأنا أن العام يشمل جميع أفراده.
ـ فهنا نعرف ما هو العام، ثم نعرف كيف نستدل به على جزئياته أو على أفراده، وقد دل على كون العام يشمل جميع أفراده قولُ النبي صلى الله عليه و سلم:
(السلام علينا و على عباد الله الصالحين) قال: (إنكم إذا قلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء و الأرض).
الفائدة 57
و الثالث حال المستدل:
ـ يعني المجتهد: ففي أصول الفقه يبين الأصوليون من المجتهد، لأن الذي يتولى استنباط الأحكام من أدلتها هو المجتهد.
ـ أما المقلد: فإنه لا يذهب للأدلة، و لا ينظر فيها، هل تدل أو لا تدل، لأنه مقلد.
الفائدة 58
ذم التقليد و حكمه:
ـ التقليد حرام إلا عند الضرورة.
ـ يقول شيخ الاسلام رحمه الله: (التقليد كأكل الميتة)، و متى يجوز أكل الميتة؟ عند الضرورة، أما إذا وجدت ميتة لا تأكلها، لكن إذا خفت الهلاك إذا لم تأكل، فكل الميتة.
ـ يقول الشاعر:
لا فرق بين مقلد و بهيمة ****تنقاد بين دعافر و جنادب
(جامع بيان العلم و فضله/ للحافظ ابن عبد البر، باب فساد التقليد رقم 1350)
و قد بالغ هنا رحمه الله في ذم المقلد و شبهه بالبهيمة!!.
الفائدة 59
ـ قوله (فالمعتبر): يعني في تعريفه.
ـ قوله (في ذاك): أي في التعريف.
ـ قوله (طرقُ الفقه أعني المجمله): طرقه المجمله.
ـ قوله (كالأمر أو كالنهي لا المفضله): كالأمر أعرف ما هو الأمر، و ماذا يقتضيه؟ النهي ما هو؟ و ماذا يقتضيه؟ ما هو العام، و ماذا يقتضيه؟ و هلم جرا.
ـ قوله (لا المفصله): لأن طرق الفقه المفصله موضعها كتب الفقه.
ـ ثم قال (و كيف يستدل بالأصول):أي بأصول الفقه، كيف استدل بالأمر على الوجوب، بالنهي على التحريم، بالعام على العموم، و هلم جرا.
ـ قوله (و العالم الذي هو الأصولي): هذا عبّرنا عنه بقولنا: حال المستفيد أو المستدل "المجتهد".
.................................................. .............. يتبع بعون الله و توفيقه
¥