تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سائل]ــــــــ[12 - 08 - 05, 08:54 م]ـ

يزيد بن معاوية في مجلس العدلِ والإنصاف

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَ لهُ، ومن يُضلل فلا هادي له، وأَشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأَشهدُ أنَّ محمداً عَبْدُهُ ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} "آل عمران 102 ".

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} "النساء 1".

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} "الأحزاب 70 - 71".

أما بعد:

فإن خيرَ الكلام كلام الله، وخير الهُدى هديُ محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشَرُ الأمورِ مُحْدَثَاتُها، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.

وبعد،

فإن الله تعالى امتدح هذه الأمة بكونها وسط في الحكم والشهادة: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} الآية .. ،والله عز وجل قد أمر بأننا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدلِ في قوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} "النساء 58"، فالعدل العدل؛ لا نغلو نغلو، ولا نجفو نجفو، وإن كان بيننا وبينه مُشاحنات فلا يجعلنا هذا بأن نظلم ونفتري؛ بل نحكم بالقسط والعدل، فالله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} "المائدة 80".

والله حذرنا حين الشهادة والحكم بأن نظلم ونميل لمن نُحب ولو كان ذا قربى، يقول سبحانه عز وجل: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} "الأنعام 152".

يقول الشيخ د/ ناصر العمر في كتابه الوسطية: "وقفت متأملاً لآيتي المائدة والأنعام، فوجدت أن كلاً منهما تأمر بالعدل وهو طريق الوسط؛ ولكن كل آية اختصت بمعنى ليس في الأخرى، فآية المائدة تنهى عن الحيف والجور في حق العدّو، وأن عداوته وبغضه لا يجوز أن يكون حائلاً دون العدل في حقه، شهادة أو حكماً، فهي تنهى عن الإفراط والغلو بالنسبة لصدور الحكم ضده، وعن التفريط والجفاء بالنسبة لحفظ حقوقه وما يجب له.

أما آية الأنعام فإنها تُحذر من الميل والإفراط في حقّ القريب، مما يكون سبباً لعدم ثبوت الحق عليه، وهنا غلو منهي عنه، كما تنهى عن التفريط في حق خصمه بسبب القرابة، فإن عدم أداء الشهادة مُحاباة للقريب فيه تفريط في حق الخصم وضياع للحقوق.

ومن هنا فإن هاتين الآيتين بمجموعهما ترسمان خط الوسطية، وتُرشدان إليه، وتُحذران من الحيف والميل سواءً أكان إفراطاً أو تفريطاً.

وقد يؤدي بغض العدّو بما ليس عليه، ويُحكم للقريب بما ليس له، وكل هذا خروج عن العدل، ومن الظلم الذي لا يرضاه الله أبداً.

أما آية النساء-ستأتي-فإنها جمعت بين المعنيين كما هو واضح من سياقها، وتفسير الطبري لها، وإن كانت لمعنى ما في سورة الأنعام أقرب منها لما في سورة المائدة".

ويعني بالآية التي في سورة النساء قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} "النساء 135".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير