فلا ينبغي أن يخرجوا عن هذا النسب المستفيض إلا بشيء موثق لايقبل الجدال ويكون الخروح في مستوى الدخول ونحن نعلم أن القبائل حصل بينها تداخل فالقبيلة الضعيفة تدخل ضمن القبيلة القوية من باب الحلف وهذا لاحرج منه ومع مرور الشهور والسنين يتناسى الناس النسب الأول ويتذكروا النسب الثاني في القبيلة الأخرى وهذا أمر شائع وذائع ولا ضير منه
ومن المعلوم أن إثبات النسب يكون على قسمين إما يكون إثبات النسب لنسب قريب كإثبات نسبة الابن لأبيه وهذا يتكلم فيه الفقهاء وذكروا له أربع جهات:
الفراش
والاستلحاق
والبينة
والقافة
وأما الأنساب البعيدة فيكون إثبات النسب إما بالشهرة والاستفاضة والسماع
أو الوثائق والمشجرات والكتب الموثوقة التي يرجع إليها طلاب العلم
والأنساب البعيدة غالبا ما تكون ظنية وليست قطعية يقينية
قال ابن خلدون في التاريخ:والنسب البعيد يحيل الظنون ولا يرجع فيه إلى يقين.
وللشيخ محمد المختار الشنقيطي في شرح الزاد كلام نفيس في إثبات النسب
قال حفظه الله:، وآل النبي صلى الله عليه وسلم يُعرفون بإثبات النسب، كأن تكون لهم الشجرة التي تثبت نسبتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمن كان عنده الشجرة التي تثبت النسبة حلّ له أن ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرُم عليه أن يقبل الزكاة من الناس، وهكذا الصدقات النافلة على أصح قولي العلماء كما سيأتي.
وكذلك يعرف كذلك آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، بالشهرة والسماع،
والقاعدة عند العلماء: أن السماع يثبت النسب، فهناك شهادة تسمى عند العلماء بشهادة السماع والاستفاضة، وهي أن يُعرف أن هذا البيت من آل النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكون هناك لقب معروف على مستوى الحي أو على مستوى المدينة يعرف أنه لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وينتسب الإنسان إليه، فهذا من القرائن الظاهرة. وتعتبر شهادة الاستفاضة والسماع موجبة لثبوت النسب، ولذلك يحكم العلماء رحمهم الله بها في القضاء كما قرر الفقهاء رحمهم الله في باب الشهادة، فإذا استفاض أن فلاناً ينتسب لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ أحكامهم، ولا يجوز لأحد أن يطعن في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أو يشكك في أنسابهم، فذلك من الخطورة بمكان، فإن هذا يعتبر من أشد أنواع القذف وأسوئها، أن ينفي نسبة إنسان إلى آل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثبوت نسبته أو اشتهاره بين الناس أنه من آل النبي صلى الله عليه وسلم، فيجمع بين كبائر:
أولها: قذفه بإخراج نسبه عن الأصل الصحيح فينسبه إلى غير أهله.
وثانياً: لما فيه من الأذية لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. وقذف غيرهم ليس كقذفهم، ولذلك جعل الله عز وجل عظيم الوعيد لمن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وعلى هذا فإنه إذا ثبت واستقر عن الإنسان أنه ينتسب لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم سرت عليه الأحكام؛ فحرُم إعطاء الصدقة
قالَ ابْنُ رُشْدٍ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَهَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ.
الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: تُفِيدُ الْعِلْمَ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّوَاتُرِ، كَالسَّمَاعِ بِأَنَّ مَكَّةَ مَوْجُودَةٌ وَمِصْرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ إذَا حَصَلَتْ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالرُّؤْيَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُفِيدُ الْعِلْمَ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ: وَهِيَ تُفِيدُ ظَنَّا قَوِيًّا، يَقْرُبُ مِنْ الْقَطْعِ وَيَرْتَفِعُ عَنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ، مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ مِنْ أَوْثَقِ مَنْ أَخَذَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَجُوزُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهَا.
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ وَهِيَ الَّتِي يَقْصِدُ الْفُقَهَاءُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا، فَالشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ بِالْإِجْمَاعِ، وَهِيَ النِّكَاحُ وَالنَّسَبُ وَالْمَوْتُ وَالْقَضَاءُ
؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِمَّا يَشْتَهِرُ وَيَسْتَفِيضُ، فَالشُّهْرَةُ وَالِاسْتِفَاضَةُ، أُقِيمَتْ مَقَامَ الْعِيَانِ، وَالْمُشَاهَدَةُ كَالْإِخْبَارِ إذَا اُشْتُهِرَتْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ مِنْهُ، أَلَا يَرَى أَنَّا نَشْهَدُ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَنَّ عَلِيًّا ابْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِنْ لَمْ نُدْرِكْ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ الشُّهْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَثْبُتُ بِطَرِيقَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا حَقِيقِيَّةٌ، وَالْأُخْرَى حُكْمِيَّةٌ.
¥