تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالنسبة للحسن بن علي رضي الله عنهما قام بمشروع إصلاحي ضخم إذ استطاع أن يقنع المتخاصمين في عهده بأهمية الصلح لصالح الأمة ولصالح الدين. فمشروع الحسن رضي الله عنه قطع عدة مراحل واعترضت طريقه عدة عوائق حتى قام الصلح الذي نجح بشروط معينة وعلى مقاصد الشريعة من حفظ الدماء ووحدة الصف من أجل الدعوة إلى الله والفتوحات، فسيدنا الحسن أصل هذا الصلح على فقه الخلاف وفقه مقاصد الشريعة، وبالتالي أعتبرها تجربة إصلاحية ضخمة قائدة بالنسبة لوقتها وقد كتبت فيه كتابا سميته خامس الخلفاء الراشدين الحسن بن علي.

أما بالنسبة إلى عمر بن عبد العزيز فهذه دعوة إصلاحية من داخل الأسرة الحاكمة حيث أن الأمويين انحرفوا بطريقة أو بأخرى في جوانب متعددة وجاء هذا الرجل المصلح والمجدد العظيم فقام بحركة إصلاحية ضخمة عبر الحكم حيث كان في فترة قريبا من عمه عبد الملك الذي كان فيه ظلم وجور وفيه عدل يعني ملَكَ في فترة الحكم العضوض، فلم يهجر السلطة الحاكمة بل كان قريبا منها ويصلح بقدر المستطاع في قربه من عبد الملك والوليد وسليمان، ثم جاءت الفترة الذهبية بالنسبة حيث وصل للحكم وعنده خبرة كافية في إدارة الدولة بحكم قربه من الحكام وإشرافه على بعض الأقاليم، فحكمه لم يأت من فراغ وإنما من ثقافة وفقه في إدارة الدولة بحيث كان يعرف أين الخلل والانحراف في المجال الإداري وفي المجال الاقتصادي والسياسي .. وفي الجانب العقائدي اهتم بالحوار وناقش الخوارج والفُرُق المنحرفة، واهتم بالجانب الدعوي .. وهذا دليل آخر على أن حضارتنا وثقافتنا وفكرنا فيه من الفكر الإصلاحي الذي يمكن أن يتعلم منه الآخرون، ولا ينبغي أن نكون منهزمين أمام الصراع مع ما يسمى بالطرح الإصلاحي المعاصر الذي تتبناه أمريكا أو الغرب، وعلينا أن نستوعب التاريخ والفكر الإصلاحي الذي عندنا ونقدمه للآخرين للاستفادة منه. وقد ألفت كتابا عن عمر بن عبد العزيز ومعالم التجديد والإصلاح الراشدي.

توجد طوائف كثيرة في الأمة الإسلامية، ألا تشكل قراءتكم السنية إقصاء للطوائف الأخرى؟

عندما أقول أهل السنة المقصود بها هو دين الله الحق الذي كان عليه رسول الله وأصحابه في الفهم لهذا الدين في الجانب العقائدي والفكري والأخلاقي والمعاملات والعبادة .. وبالتالي الإسلام الصحيح عندي هو المدرسة السنية التي تمثلت فيها علوم الصحابة وأخذها التابعون ثم جاءت بعدها مذاهب الإمام مالك وأحمد والشافعي غيرها من المذاهب السنية التي حافظت على أصول الفهم للقرآن والسنة من خلال علماء الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم.

أما الآخرون مثل الاثنى عشرية فإنهم خرجوا عن كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في فهم العقائد وفي تفسير القرآن وفي النظر لكثير من القضايا الفكرية التي أصل لها الصحابة أخذوها من الرسول.

فأنا ضد الخلط لابد أن تتمايز الأمور، الحق حق والباطل باطل ونتعامل مع الأخطاء والانحرافات بنصح، فلن تحدث نهضة للأمة إلا إذا صفت الأمور وعرفنا من هو على الإسلام الصحيح ومن هو المبتدع ومن هو المنحرف. فهذا أصل من أصول النهوض لهذه الأمة.

في هذا السياق ألا تعتبر مبادرة أمريكا وأوروبا فرصة بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية يجب استغلالها؟

هناك خلاف هائل بيننا وبين الغرب، لأن الفكر الإصلاحي الغربي ينبثق من قيم وعقائد وثقافة، هذه القيم والعقائد والثقافة فيها شيء نتفق معهم فيه وأشياء كثيرة نخالفهم فيها في ثقافتنا وعقيدتنا وفكرنا. فالمشاريع الإصلاحية يجب أن تنبثق من عقيدتنا ومن ثقافتنا وحضارتنا وتجاربنا ومن القيم الإنسانية المحضة، وفي عالم الأفكار الأمة الإسلامية تستطيع أن تعلم الآخرين، ربما الفائدة الأكبر لدى الغرب هي الجانب التكنولوجي، أما جانب القيم فهم -لو أحسنا طرح ما عندنا- سيتتلمذون علينا.

إذا عدنا لمسألة المنهج، في العراق مثلا هناك جماعات تتبنى خطابا سنيا متشددا كما يصفه المراقبون فكيف تستقيم دعوتكم للمنهج السني الموحد في ظل وجود مذاهب مخالفة؟

المذهب السني تجربته في المشاريع النهضوية كانت حاضرة وكانت ناجحة سواء في عهد نورالدين زكي أو عهد محمد الفاتح أو صلاح الدين أو يوسف بن تاشفين في المغرب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير