تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ظهرت ردّة أخرى في البحرين لبني بكر بدعم فارسي ومساندة النعمان أحد أمراء الحيرة، وما كان لجيش المسلمين بقيادة العلاء بن الحضرمي أن يصل إلى البحرين إلاّ بخفارة ممن يقطنون فيما بينها وبين نجد ... وهنا قال قيس بن عاصم للعلاء إنمّا آتيك الآن لأخفرك وأسير معك حتى تخرج من أرض سعد فأكون قد قضيت حق مسيرك.

سار العلاء ومعه قيس في فرسان من تميم، فكان لا ينتهي إلى ماء من مياههم إلاَ وتتلقاه تميم بالقرى والإنزال والعلوفة وفي ذلك ورد قولهم:

ألم تر أنّا أجرنا العلا

على كل من جاره من مضر

تضمَّن قيس له ذمّة

فحط بها رحله في هَجَر

كانت البحرين وهي شرق الجزيرة تحت حكم ملك من بني عبد الله بن دارم هو المنذر بن ساوى التميمي، وقد كاتبه النبي- صلى الله عليه وسلم- فأسلم وحسن إسلامه ومات رضوان الله عليه قبل ظهور الردّة، ولّما دنا جيش المسلمين من البحرين التقى بالمرتدين في موقع يقال له الردّم، وهناك قتل قيس بن عاصم أحد رؤوس الردّة أبجر بن بجير من ربيعة وفي ذلك قال:

ألم ترني أدنيت رمحي وأنني

ضربت بحد السيف يأفوخ أبجر

انهزم المرتدون بعد مقتل أبجر وكان رئيسهم الأعلى هو الحطم بن ضبيعة شيخ ربيعة، وقد بصر به قيس بن عاصم منهزماً فحمل عليه وقتله وفي ذلك قال:

لما انثنى وثنى رجله

عممته بالمرهف القاصل

سيفاً حساماً فوق يأفوخه

فخرَّ مثل الجمل البازل

أعظم به رزءاً على قومه .... لا بل على الحيين من وائل

فرَّ بنو بكر إلى البراري، ولحق النعمان بآل جفنة بالشام، وانهزم الفرس فسار بعضهم إلى الزَّارة والقطيف، ومضى بعضهم حتى لحق بكسرى فخبّره بما كان منهم فاغتمَّ لذلك غماً كثيراً (9).

لم يقف دعم الفرس للرّدة عند هذا الحد بل هم جندوا حملة من أرضهم آنذاك ومن دار تغلب في الجزيرة الفراتية تحديداً مع امرأة. ونقل الحافظ ابن كثير قول الشاعر: (أتتنا أخت تغلب) وهي سجاح التغلبية، كما عند ابن كثير، وكما في كتاب نجد لمحمود شاكر وأوضح البلاذري تصدي الرّباب من تميم لهذه الحملة كما أورد الطبري محاربة بني الهجيم لها، وفي معالجة علمية ذكر فضيلة الشيخ عبد العزيز أن أتباعها كانوا من النمر، وتغلب وإياد، وأن تميماً قد حاربت هذه الحملة (10).

قال أحد أعلام الثقافة العربية وهو خير الدين الزركلي: إن أخبار هذه المرأة إنما هي (من مجون القصاصين اخترعت للتندر والتشهير) وما درى الزركلي -رحمه الله- أن أناساً سيأتون من بعده، وفي بلاده ليجعلوا الأخبار الماجنة من أبرز دعائم مسلسل خالد بن الوليد يشنعون بها على أعلام المجاهدين من تميم من أحلاس الخيل ومساعير الحرب الذين أسهموا في الجهاد الأول مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- ورفعوا رايات قمع الفتنة التي كادت تؤدي ببنيان دولة الإسلام الأولى بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

وإذا قلنا الجهاد الأول فيكفي الإشارة إلى مثل واحد هو واقد بن عبد الله التميمي من يربوع عشيرة مالك بن نويرة الذي شهد المشاهد كلها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وقتل ابن الحضرمي بنخلة وكانت وقعة نخلة من الأسباب الرئيسية لوقعة بدر، وفي وقعة واقد نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} (217) سورة البقرة .. ومثل آخر هو الصحابي يعلى بن أمية التميمي الذي سار للقضاء على ردة خولان في اليمن فأخمدهما وولي اليمن بعد الردّة للخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم- وكانت أخته نفيسة صاحبة إسهام حميد في الاقتران المبارك بين النبي- صلى الله عليه وسلم- وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضى الله عنها.

كانت خديجة متزوجة في بني تميم ولها أولاد من زوجها الأول واسمه أبو هالة وكان الحسن- رضي الله عنه- يروي أوصاف جده النبي عليه الصلاة و السلام عن خاله هند بن أبي هالة- رضي الله عنه- ... وبيت أبي هالة بيت سيادة وشرف ينتمي إليه حنظلة بن الربيع كاتب الوحي وأكثم بن صيفي حكيم العرب ومستشار قومه الأعلى في وقعة الكلاب الثاني في عالية نجد (11) وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ} (100) سورة النساء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير