تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرج خليفة بن خياط في تاريخه (ص 174) بسند رجاله ثقات إلى أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: فتح عثمان الباب و وضع المصحف بين يديه، فدخل عليه رجل فقال: بيني و بينك كتاب الله، فخرج وتركه، ثم دخل عليه آخر فقال: بيني و بينك كتاب الله، فأهوى إليه بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها، فلا أدري أبانها أم قطعها و لم يبنها، فقال والله إنها لأول كف خطت المفصّل.

هذا ما ورد عن كيفية دخول الثوار على عثمان رضي الله عنه، و تتوزع سيوفهم دماءه الطاهرة، فأخذ الغافقي حديدة و نزل بها على عثمان رضي الله عنه فضربه بها و رَكَسَ المصحف برجله فطار المصحف و استدار و رجع في حضن عثمان و سال الدم فنزل عند قوله تعالى: {فسيكفيكهم الله} [البقرة /138]، هنا أرادت نائلة زوجة عثمان أن تحميه فرفع سودان السيف يريد أن يضرب عثمان فوضعت يدها فقطع أصابعها فولت صارخة تطلب النجدة فضربها في مؤخرتها، و ضرب عثمان على كتفه فشقه ثم نزل عليه بخنجر فضربه تسع ضربات و هو يقول: ثلاث لله و ست لما في الصدور، ثم قام قتيرة فوقف عليه بالسيف ثم اتكأ على السيف فأدخله في صدره ثم قام أشقاهم و أخذ يقفز على صدره حتى كسّر أضلاعه، هنا قام غلمان عثمان بالدفاع عنه و استطاعوا أن يقتلوا كل من سودان و قتيرة، لكن أهل الفتنة قتلوا الغلمان جميعاً و تركوا جثثهم داخل الدار، ثم قام جماعة من الصحابة و ذهبوا إلى داره و خرجوا به و دفنوه رضي الله عنه بليل في حش كوكب، وكانت مقبرة لليهود فاشتراها عثمان، و هي في ظهر البقيع فدفن فيها و لم يدفن في البقيع لعدم إذن أهل الفتنة، ثم إنه في عهد معاوية وسع البقيع و أدخل فيه المكان فصار قبر عثمان داخل البقيع. معجم البلدان (2/ 262)، انظر هذا الخبر في الطبري (4/ 412). و انظر خبر دمه على المصحف في فضائل الصحابة عند أحمد (1/ 470 - 473) بإسناد صحيح و تاريخ خليفة (ص188 - 190) و المطالب العالية (4/ 286) و موارد الظمآن (7/ 128).

و يكشف أيضاً عن مقاصد القوم ما ذكره ابن كثير في البداية (7/ 189): من أن الخوارج نادى بعضهم بعضاً بعد مقتل عثمان بالسطو على بيت المال، فسمعهم خزنة بيت المال فقالوا يا قوم النجا! النجا فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و غير ذلك مما ادّعوا أنهم قاموا لأجله، و كذبوا إنما قصدهم الدنيا. فأخذوا ما به من أموال ثم سطوا على دار عثمان و أخذوا ما به حتى إن أحدهم أخذ العباءة التي كانت على نائلة. تاريخ الطبري (4/ 391).

فكانت هذه هي البلوى التي بشره النبي صلى الله عليه وسلم و التي يقتل فيها مظلوماً، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً، فجاء رجل يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة، فإذا هو أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن فقال: ائذن له و بشره بالجنة فإذا هو عمر، ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له و بشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا هو عثمان. و يعقب ابن حجر على ذلك بقوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بالبلوى المذكورة إلى ما أصاب عثمان في آخر خلافته من الشهادة يوم الدار. الفتح (7/ 38) و (13/ 55). و الحديث موجود في البخاري (7/ 65) و رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم (6162) و (6164).

فائدة .. قال ابن بطال: إنما خص عثمان بذكر البلاء مع أن عمر قتل أيضاً لكون عمر لم يمتحن بمثل ما امتحن عثمان من تسلط القوم الذين أرادوا منه أن ينخلع من الإمامة بسبب ما نسبوه إليه من الجور و الظلم مع تنصله من ذلك، و اعتذاره عن كل ما أوردوه عليه، ثم هجومهم عليه في داره و هتكهم ستر أهله،

و كل ذلك زيادة على قتله. فتح الباري: (13/ 55).

و قد اختلفت الروايات في تعيين قاتله على الصحيح، لكن هذا ليس مهماً لأن المشارك كالقاتل و المتسبب كالمباشر، و إنما المهم هو التعرّف على هوية قاتليه، فهم غوغاء من الأمصار كما وصفهم الزبير رضي الله عنه، و هم نزّاع القبائل كما تقول عائشة، انظر: الطبري (4/ 461 - 462). و هم حثالة الناس متفقون على الشر كما يصفهم ابن سعد في طبقاته (3/ 71). و هم خوارج مفسدون و ضالون باغون كما ينعتهم ابن تيمية في منهاج السنة (6/ 297).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير