تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التزام جانب اليقظة و الحكمة و الحذر عند عرض هذه الوقائع على طلابه، فالصحابة رضي الله عنهم شموس لامعة براقة أشرقت في تاريخ الإنسانية فغمرته بالنور، و هي شموس تتفاوت أقدارها و تتباين في أنواع فضائلها، و لكنها تبقى دائماً في أعلى درجات الفضل، و في ذروة العزة و المجد، و لو ميز المشتغلون بتاريخ الإسلام، بين الأصيل و الدخيل من الحوادث التي وقعت بين الصحابة، لأخذتهم الدهشة لما اخترعه أعداء الإسلام من يهود و مجوس و منافقين و ملحدين و حاقدين، من أخبار ملفقة كاذبة، ألصقوها بالصحابة الكرام ظلماً و عدواناً و كيداً، فصورت أخبارهم الوضع عن غير حقيقته، و أدخلت التشويه على الصورة الحقيقية الناصعة للصحابة رضي الله عنهم، الذين يعتبرون بحق سادة البشر و خلاصة الإنسانية، كيف لا؟ و هم تلامذة أشرف المخلوقين و سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. مقتبس من كتاب: كلمات نافعة لناجي الطنطاوي (ص79) بتصرف.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتمسك بقوله تعالى: {و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا

و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم} [الحشر/10].

و بعد هذا الذي ذكرت، فإنه قد ظهر و خاصة على صفحات الإنترنت من يطعن في الصحابة الكرام و يثير هذه الأحداث من جديد لكن بشكل مشوّه مزرٍ، لذا آثرت الحديث في هذا الموضوع، دفاعاً عن الحق و عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

ذكر الأحداث التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه، حتى قبيل معركة الجمل

أصاب المسلمين بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرّوا بانتقال السلطة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم و بعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة و نجم عن ذلك مقتل الخليفة، و بقاء المنصب شاغراً، و سعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة و عبد الله بن عمر، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، و هم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، و قد أدرك المعارضون ذلك بعد فشل محاولاتهم. فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573 - 574).

قال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل و لا بد للناس من إمام و لا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة و لا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا: لا والله! ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفياً و لا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال سالم بن أبي الجعد:فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه، و أبى هو إلا المسجد، فلما دخل المهاجرون و الأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس. و هناك رواية عن أبي بشير العابدي يقول فيها: إن المهاجرين و الأنصار و فيهم طلحة و الزبير أتوا علياً فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، و قد طال الأمر. فقال لهم: إنكم اختلفتم إليَّ و أتيتم و إني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، و إلا فلا حاجة لي فيه، فقالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فبايعوه في المسجد.

و هناك رواية أخرى تفيد أن طلحة و الزبير قالا: يا علي ابسط يدك، فبايعه طلحة و الزبير و هذا بعد مقتل عثمان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة. و هناك رواية أخرى عن عوف بن أبي جميلة العبدي قال: أمّا أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول: إن علياً جاء فقال لطلحة: ابسط يدك يا طلحة لأبايعك فقال طلحة: أنت أحق و أنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبسط عليّ يده فبايعه. كلها عند الطبري في تاريخه (4/ 427 - 428) و (4/ 434). و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 573).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير