تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على ضوء استقراء النصوص السابقة، يكون ظهور ابن سبأ في مصر بعد خروجه من الكوفة، و إذا كان ظهوره في البصرة سنة (33هـ)، ثم أخرج منها إلى الكوفة، و من الكوفة استقر بمصر، فإن أقرب توقيت لظهور ابن سبأ في مصر يكون في سنة (34هـ)، لأن دخوله البصرة و طرحه لأفكاره فيها و تعريجه على الكوفة ثم طرده منها، واتجاهه بعد ذلك إلى مصر .. كل هذا يحتاج إلى سنة على الأقل، و يؤكد هذا ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 284)، فيضع ظهور ابن سبأ في مصر ضمن أحداث سنة (34هـ)، و تابعه في ذلك السيوطي أيضاً في حسن المحاضرة (2/ 164)، حيث أشار إلى دخول ابن سبأ مصر في هذا التاريخ.

أحبتي في الله استكمالاً لما بدأناه من هذه الحلقات، سنقف إن شاء الله و على حلقتين متتاليتين، على ذكر عدد من المحاور والتي تدور حول ورود أي ذكر لعبد الله بن سبأ أو السبئية – طائفته - في الكتب والمصادر المتقدمة (السنية والشيعية، المتقدمة منها والمعاصرة)؛ لأن ورود أي ذكر للسبئية دليل على انتسابها له، و هذا دليل بدوره على وجود ابن سبأ في الحقيقة، مع الرد على محاولات التشكيك في وجود عبد الله بن سبأ، و ما ينسب إليه من أعمال، و سأتّبع فيه الترتيب الزمني للأحداث:-

أولاً: من أثبت وجود عبد الله بن سبأ من الفرقين ..

أ – عبد الله بن سبأ عند أهل السنة:-

1 - جاء ذكر السبئية على لسان أعشى همدان (ت 84هـ) في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/ 83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلى البصرة بقوله:

شهدت عليكم أنكم سبئية وأني بكم يا شرطة الكفر عارف.

2 - و جاء ذكر السبئية في كتاب الإرجاء للحسن بن محمد بن الحنفية (ت95هـ) – راجع كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر الحوالي (1/ 345 - 361)، حيث تحدث عن معنى الإرجاء المنسوب للحسن، و ذكر كلام أهل العلم في ذلك فليراجع للأهمية – ما يلي: (و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). رواه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان (ص 249).

3 - و هناك رواية عن الشعبي (ت 103هـ) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (29/ 7)، تفيد أن: (أول من كذب عبد الله بن سبأ).

4 - و هذا الفرزدق (ت 116هـ) يهجو في ديوانه (ص 242 - 243)، أشراف العراق ومن انضم إلى ثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، و يصفهم بالسبئية، حيث يقول:

كأن على دير الجماجم منهم حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا

تَعَرّفُ همدانية سبئية و تُكره عينيها على ما تنكرا

رأته مع القتلى و غيّر بعلها عليها تراب في دم قد تعفّرا

و يمكن الاستنتاج من هذا النص أن السبئية تعني فئة لها هوية سياسية معنية و مذهب عقائدي محدد بانتمائها إلى عبد الله بن سبأ اليهودي المعروف، صاحب المذهب.

5 - و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/ 119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري (ت 117هـ)، في النص التالي: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة} [آل عمران/7]، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).

6 - وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (ت 230هـ) ورد ذكر السبئية وأفكار زعيمها وإن لم يشر إلى ابن سبأ بالاسم. الطبقات (3/ 39).

7 – و جاء عند ابن حبيب البغدادي (ت 245هـ) في المحبر (ص 308)، ذكر لعبد الله بن سبأ حينما اعتبره أحد أبناء الحبشيات.

8 - كما روى أبو عاصم خُشيش بن أصرم (ت 253هـ)، خبر إحراق علي رضي الله عنه لجماعة من أصحاب ابن سبأ في كتابه الاستقامة. أنظر: منهاج السنة لابن تيمية (1/ 7).

9 - و جاء في البيان والتبيين (3/ 81) للجاحظ (ت 255هـ)، إشارة إلى عبد الله بن سبأ.

10 - فقد ذكر الإمام البخاري (ت 256هـ) في كتاب استتابة المرتدين من صحيحه (8/ 50) عن عكرمة قال: (أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تعذبوا بعذاب الله)، و لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير