تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرد: إن هذه دعوى لا تقوم عليها حجة، فكما أنكم ادعيتم هذا، فلغيركم أيضاً أن يدعي ما شاء، لكن العبرة بالحجة والدليل، فزعمكم أن هذه القصة قد اختلقها أهل السنة للتشنيع على الشيعة، ليس لها دليل، و قد كان عليكم قبل أن تلقوا بظلال الشك جزافاً – و ذلك دأبكم – أن تتأكدوا على الأقل من أن هذه القصة لم ينفرد بها أهل السنة فقط، فهذا الزعم باطل لأن مصادر الشيعة هي الأخرى أثبتت – كما سلف – وجود ابن سبأ. و بهذا يسقط اعتراضكم على القصة بزعمكم أنها من مفتريات أهل السنة.

و بعد هذا الذي ذكرت و هذه الشبهات التي أبطلت، أستطيع أن أقول: إن سبب إنكار الشيعة لوجود ابن سبأ إلى عقيدتهم التي بثها و تسربت إلى فرق الشيعة، و هي عقيدة تتنافى مع أصول الإسلام، و تضع القوم موضع الاتهام والشبهة، هذا من جهة، و من جهة أخرى لما للعداء التاريخي في نفوس الشيعة نحو الصحابة، و رغبة لإظهارهم بأنهم هم الذين أثاروا الفتنة بينهم.

و في الختام يتأكد بعد استقراء المصادر سواء القديمة والمتأخرة عند السنة والشيعة أن وجود عبد الله بن سبأ كان وجوداً حقيقياً تؤكده الروايات التاريخية، و تفيض فيه كتب العقائد، و ذكرته كتب الحديث والرجال والأنساب والطبقات و الأدب واللغة، و سار على هذا النهج كثير من المحققين والباحثين المحدثين

دور هذا اليهودي في إشعال نار الفتنة على عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأحب أن أنبه أنه وأثناء الحديث قد لا نتطرق لذكر ابن سبأ في بعض الأحيان، و هذا لا يعني أنه غير موجود أو أنه ليس له دور، بل ثبت بالدليل الصحيح الصريح أن اليد الخفية التي كانت تدير المؤامرة و تحرك الفتنة، هي يد ذلك اليهودي الخبيث عبد الله بن سبأ، كما وأننا لن نتطرق أيضاً لذكر المآخذ التي أخذت على عثمان بزعم مثيري الفتنة، و ذلك لأنه ليس هذا مجال ذكرها، و لعل الله ييسر لنا كتابتها في مقال مستقل مع التعليق عليها إن شاء الله.

بذور الفتنة: السبب الرئيسي، رجل يقال له عبد الله بن سبأ: و شهرته ابن السوداء لأن أمه كانت سوداء من الحبشيات. و هو من صنعاء و كان يهودياً من يهود اليمن. أظهر الإسلام و باطنه الكفر، ثم انتهج التشيع لعلي رضي الله عنه، و هو الذي تنسب إليه فرقة السبئية الذين قالوا بألوهية علي و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة منهم تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. انظر: المحبَّر لابن حبيب (ص308). تاريخ الطبري (4/ 340). و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 3) و كتاب: ابن سبأ حقيقة لا خيال لسعدي مهدي الهاشمي، و كتاب عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة، و مقال حقيقة ابن السوداء في جريدة المسلمون للدكتور سليمان العودة، العدد (652 - 653). و خبر إحراقهم عند: أبي داود في سننه (4/ 520) و النسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).

فلما رأى هذا الرجل أن أمر الإسلام بدأ ينتشر بهذه الصورة و بدأ يظهر، رأى أن هذا الأمر ليس له إلا فتنة من داخله، و كان بمنتهى الخبث، فأول ما بدأ، بدأ بالمدينة، و كانت المدينة يومها ملأى بالعلماء، فدُحر بالعلم، كلما رمى شبهة رُد عليها، فمن شبهه أنه أظهر بعض العقائد اليهودية، مثل القول بالرجعة؛ أي رجعة الرسول صلى الله عليه وسلم و استدل بقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص/85]، و ذكر تعجبه للناس ممن يصدق برجعة عيسى عليه السلام و يكذب برجعة محمد صلى الله عليه وسلم، و ما كان قوله هذا إلا وسيلة للوصول إلى ما هو أكبر من ذلك، حيث قال بعد ذلك برجعة علي رضي الله عنه و أنه سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و هكذا. انظر: عبد الله بن سبأ و دوره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة (ص208)، واستشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص 70 - 86).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير