تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و كان خروج عائشة رضي الله عنها يوم الجمل يعتبر زلة عن قصد حسن و هو الإصلاح، و قد ندمت على ذلك، و قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها زوجته في الجنة كما في المستدرك و قال عمار: والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة، كما في الصحيح بهذا المعنى. و بهذين الدليلين و بوصف الله لها في القرآن بأنها طيبة، تنقطع ألسنة الروافض الطاعنين في صحابة رسول الله و منهم أم المؤمنين رضي الله عنها. الصحيح المسند من دلائل النبوة للشيخ مقبل الوادعي (ص417) في الهامش.

و كانت رضي الله عنها إذا قرأت {و قرن في بيوتكن} [الأحزاب/33] بكت حتى يبتل خمارها، و كانت حينما تذكر الجمل تقول: وددت أني كنت جلست كما جلس أصحابي، و في رواية ابن أبي شيبة: وددت أني كنت غصناً رطباً و لم أسر مسيري هذا. سير أعلام النبلاء للذهبي (2/ 177) و مجمع الزوائد للهيثمي (7/ 238) و ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 281).

و العقل يقطع بأنه لامناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى،

و لاشك أن عائشة رضي الله عنها هي المخطئة؛ لأسباب كثيرة و أدلة واضحة، منها ندمها على خروجها، و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها، و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور، بل المأجور.

قال الإمام الزيلعي في نصب الراية: و قد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن أبي عتيق - عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً غلب عليك – يعني ابن الزبير – فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة: و لهذا الأثر طرق أخرى، فقال الذهبي في السير: عن قيس قال: قالت عائشة، و كانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدفنت بالبقيع رضي الله عنها. قلت – أي الذهبي -: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية و تابت من ذلك، على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة، قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة و الزبير و جماعة من كبار الصحابة رضي الله عن الجميع. انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 854 - 855).

يقول شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/ 316 - 317، 321 - 322) و (6/ 208، 363): إن عائشة لم تخرج للقتال، و إنما خرجت بقصد الإصلاح بين الناس و ظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها، و هكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة و الزبير رضي الله عنهم أجمعين.

و يقول الإمام القرطبي في تفسيره (8/ 321 - 322) في تفسير سورة الحجرات ما نصه: لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه و أرادوا الله عز وجل .. هذا مع ما قد ورد من الأخبار من طرق مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طلحة شهيد يمشي على وجه الأرض - يشير إلى حديث أبي هريرة عند مسلم (4/ 1880) و نصه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. والترمذي (5/ 644) و انظر: كتاب فضائل الصحابة للنسائي (ص113) بتحقيق فاروق حمادة، و ابن ماجة في فضائل طلحة (1/ 46) و الأصفهاني في الإمامة (ص371 - 372) -، فلو كان ما خرج إليه من الحرب عصياناً لم يكن بالقتل فيه شهيداً .. و مما يدل على ذلك ما قد صح و انتشر من إخبار عليّ بأن قاتل الزبير في النار، و قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار – تقدم تخريجه -، و إذا كان كذلك فقد ثبت أن طلحة و الزبير غير عاصيين و لا آثمين بالقتال - أي أنهما معذوران باجتهادهما - لأن ذلك لو كان كذلك، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في طلحة شهيد، و لم يخبر أن قاتل الزبير في النار، و إذا كان كذلك لم يوجب ذلك لعنهم، و البراءة منهم، و تفسيقهم و إبطال فضائلهم و جهادهم، رضي الله تعالى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير