وفي عام 1161هـ حَصَلت وقعة (البنيَّة) لمَّا سارَ المسلمون إلى الرياض لمقاتلة دهام، وافترقوا فِرقتين، فعَمَدَت فرقةٌ إلى (صِياحٍ) ودخَلوه، وعَمَدَ أهلُ عِرقَةَ وحُريملاء إلى (مِقْرنَ) ودخَلوه،ووصلوا إلى (الظُّهَيْرة)، فحصلَ قتالٌ شديدٌ وانهزمَ المسلمون وكثر القتل في أهل حريملاء خاصَّة، فقُتِلَ مِن أهلِ حُريملاء خمسةٌ وعشرون،منهم محمدٌ بنُ غنَّام آل راشد ومحمدُ بن حمد بن داود.
وفي نفسِ العام جرت وقعة (الخُرَيزة) وهو موضعٌ بالرِّياض، ذلك أنَّ عبدالعزيز بن محمد بن سعود سار بأهل الدِرعيَّة وقُراها وأهل ضرما وسارَ عثمان بن معمَّر بأهلِ العُيينة وحُريملاء وقصَدُوا الرياضَ وخرجَ إليهم أهلُ الرياض فاقتتلوا قتالاً شديداً.
وفيها جَرت وقعةُ (البطين) بين المسلمين وأهل ثَرمداء، وذلك أنَّ عثمانَ بن معمَّر سار بأهل العيينة وحريملاء،وعبدَالعزيز بن محمد بأهل الدرعيَّة وقُرَاها وأهل ضرما، والامير على الجميع عثمان فساروا إلى ثرمداء وناشبوهم القتال وولَّوا أهل ثرمداءَ
منهزمين. وفيها غزا المسلمون بلدَ ثادق.
9 ـ مكانة أسرة الشيخ العلميَّة في حريملاء لا تسمح بتعرض الشيخ لما ورد في الرواية المذكورة، حيث أنَّ أباه عبدالوهاب بن سليمان كان قاضي البلدة، ثم أخاه الشيخ سليمان، و كذلك مكانة أبناء عمه من أسرة آل عبدالوهاب بن عبدالله آل مشرف، و التي كانت تتصدَّر الاسر العلمية المرموقة في نجد.
ـ و قد انتقد المحققون من المؤرخين مثل هذه القصص التي أوردها ابن بشر و ان كانت قليلةً لا تقلِّل أيضاً من قيمة تاريخه الفريد، ومن هؤلاء المؤرخين:
1ـ الشيخ حمد الجاسر في محاضرة بعنوان (المرأة في حياة الشيخ محمد بن
عبدالوهاب) ألقاها عام 1400هـ في جامعة الإمام محمد بن سعود، و مثَّل الشيخ حمد تحديدا برواية انتقال الشيخ محمد من حريملاء إلى العيينة، و كذلك برواية إخراجه من البصرة.
2ـ و منهم أيضاً المؤرخ المعاصر و الذي يعدُّ المؤرخ الرسمي لتاريخ الدولة السعودية الأستاذ عبدالله بن صالح العثيمين، و قد مثَّل لذلك سوى المثالين السابقين برواية خروج شيخ الاسلام من العيينة إلى الدرعية، و محاولة ابن معمر التخلص من الشيخ عند انتقاله من العيينة، و رواية كيفية وصول شيخ الاسلام إلى الدرعيَّة و نزوله عند ابن سويلم.
و يقول الأستاذ عبدالله العثيمين بعد ردِّه للرواية المذكورة:
ـ: (من المرجَّح أنَّ ذلك الانتقال يعود إلى سبب رئيسي و سببين ثانويين، أمَّا السبب الرئيسي فهو قبول أمير العيينة عثمان بن معمر لدعوة الشيخ، و ذلك ما ذكره ابن غنام بعد إشارته إلى انتشار تلك الدعوة في بلدان العارض المشهورة، بقوله:
" ثمَّ بعد ذلك عزم على المسير عنها ـ يعني حريملاء ـ و جدَّ في الانتقال، و ذلك بعد أن هدى الله تعالى عثمان بن معمر لقبول هذا الدين ".
و أمَّا السببان الثانويان فأحدهما كون العيينة أقوى من حريملاء، و كونها موحَّدة الزعامة، و هذا لم يكن متوافراً في حريملاء التي كانت السلطة فيها منقسمة، و التي لم يكن لها رئيسٌ يزعُ الجميع ـ حسب تعبير ابن بشر ـ، و ما دام أمير البلدة القوية الموحدة متقبلاً للدعوة فاحتمال نجاحها فيها أكبر من احتمال نجاحها في حريملاء، و كان نجاح الدعوةهو ما يبحث عنه الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
و الثاني من السببين الثانويين وجود مكانة اجتماعية بارزة لأسرة الشيخ في العيينة منذ قدوم جدِّه سليمان بن علي إليها، و احتلاله مركز القضاء فيها، و يضاف إلى ذلك أنها كانت مسقط رأس الشيخ و مكان نشأته).
3 ـ الأستاذ منصور الرشيد و الذي يقول عن أسباب انتقال الشيخ إلى العيينة: (بالإضافة إلى أنَّ هذه القرية لا تكفي لأن تكون مجالاً لدعوته ونشرها بعد ازدياد مؤيديه، فأراد أن تكون دعوته في بلاد واسعة ومكانٍ رحب، فاختارَ بلدته الأولى العيينة التي كانت في ذلك العهد أكبر بلدان نجد وأكثرها سكانا).
هذا ما أحببتُ التنبيه عليه من عدم ثبوت قصة انتقال الشيخ رحمه الله من حريملاء إلى العيينةـ كما أوردها ابن بشر ـ، و كما أُدرِجَت في تاريخ ابن غنام، و الذي نأمل تلافيها في طبعات تاريخ ابن غنام اللاحقة، و على الله قصد السبيل هو حسبنا و نعم الوكيل وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[27 - 12 - 06, 08:37 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ محمد
ـ[منصور العنزي]ــــــــ[28 - 12 - 06, 06:52 م]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ محمد
وقد أزلت شبهة انطلت على كثير من الناس من اهل حريملاء معادون للدعوة الإصلاحية
وهم ليسوا كذلك
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[28 - 12 - 06, 07:37 م]ـ
الشيخ عبدالعزيز بن سعد حياكم الله، و بارك في جهودكم و ننتظر مواضيعكم القيِّمة.
الشيخ منصور العنزي، بارك الله فيكم و شكرا على تشجيعكم.
¥