«استطعت أن ألتقي هنا العلماء ورجال الدين، وقد عرَّفتهم بنا، وقلت لهم: إن العروة ليست اسم الصحيفة، وإنما اسم جمعية أسسها السيد في حيدر أباد ولها فروع في كثير من الأقطار لا يدري أحدها عن الآخر شيئاً، ولا يعرف هذه الفروع إلا الرئيس وحده، كما قلت لهم إننا نرغب اليوم بتأسيس فرع جديد في هذا البلد». "سلسلة الأعمال المجهولة" علي شلش.
و في الهندكتب الافغاني رسالته في "الرد على الدهريين" مع أنه كما يذكر أساطين اهل العلم في عصره كان من كبار الذاهبين الى الدهرية و الالحاد.
في باريس:
ـ بعد أن ثبت اخفاق الثورة العرابية، واحتلال الإنجليز مصر غادر الافغاني الى لندن، وأقام بها أياماً معدودات، ثم انتقل إلي باريس، فأقام بها ثلاثة اعوام منذ عام 1883 - الى 1885م، وكان تلميذه الأكبر الشيخ محمد عبده منفياً في بيروت عقب إخماد الثورة، فاستدعاه إلى باريس، فوافاه بها.
وهناك أعاد العمل السري من خلال جمعيته (العروة الوثقى) التي أنشأها في الهند قبل ذلك، و من ثَمَّ أصدر جريدة (العروة الوثقى) عام 1300هـ 1884م، و التي شاركهما في الاشراف عليها تلميذه الميرزا محمد الباقر، و الذي كان من من كبار الماسون، وقد سميت الجريدة باسم الجمعية التي أنشأتها، و التي تقوم بإصدارها.
في روسيا القيصرية:
ـ ثم أقام أربع سنوات في روسيا القيصرية منذ 1886 الى 1889م و ما تزال أخبار إقامته فيها غامضة، و لا ريب أن روسيا القيصرية آنذاك كانت تستعد للوثوب على التركة العثمانية، و تحتاج لرجل في مثل قدرات و معرفة جمال الدين بالأوضاع السياسية في العالم الاسلامي، لا سيما إذا علمنا أن الافغاني كان يصرح بأن للروس مصالح حيوية وإستراتيجية في الهند، تدفعهم لاحتلالها. وأن ليس لديه اعتراض على هذا الاحتلال إذا حدث، بل ينصح الروس باتباع أسلم السبل وأسهلها لتنفيذه، وذلك بأن يستعينوا بدولة فارس، وبلاد الأفغان، لفتح أبواب الهند، شريطة أن تسهمهما في الغنيمة وتشركهما في المنفعة.
ـ ثم كان جمال الدين بعد خروجه من روسيا عام 1889و إلى عام 1892 يتنقل بين المدن التالية: ميونخ وطهران والبصره ولندن.
في إيران:
4 - في ميونيخ جرى لقاء بين الشاه ناصر الدين شاه إيران و جمال الدين، حيث عرض الأول على الثاني منصب رئيس الوزراء، فوافق جمال الدين وغادر أوروبا قاصداً طهران سنة 1307هـ (1885 ـ1886 م)، و استلم مهامه، لكن سرعان ما احتدم الصراع بينه و بين الشاه، فاستأذن بالسفر وخرج، ثم دعاه ناصر الدين شاه الى ايران.
الا أن الشاه طلبه مرة أخرى فعاد عام 1889م، حيث اتضح للشاه أن الافغاني يعمل لمصلحة الانجليز الذين كانت لهم اطماع في ذلك الوقت في ايران، ولعلَّ تبينت له عند ذلك نحلته، مما اضطر جمال الدين إلى الالتجاء إلى (مقام عبد العظيم) - و هو من أحفاد الأئمة، ـ و مقامه حرم لدى الرافضة: يرون أنَّ من دخله كان آمناً!!! – فمكث هنالك سبعة أشهر .. ثم بعدها اقتحمت السلطات هذا المقام و تم القبض على جمال الدين و أخرج من إيران إلى العراق سنة 1309هـ 1891م.
في لندن:
مكث جمال الدين بالبصرة ريثما عادت إليه صحته، ثم شخص إلى لندن، فتلقاه الإنجليز بالإكرام، فأنشأ مجلة للتأليب على ناصر شاه سماها (ضياء الخافقين)، وحمل على الشاه وسياسته، ودعا الأمة الفارسية إلى خلعه، بل و خطط لاغتياله، حتى استطاع أن يقنع رجلاً إيرانيًا مطرودًا مثله من إيران هو "ميرزا رضا الكوماني"، و الذي تقبل فكرة اغتيال ناصر الدين وبالفعل اغتال ميرزا "ناصر الدين" سنة 1314 هـ 1896 م، في الضريح المقدس عند الشيعة، في نفس المكان الذي طرد ناصر الدين منه الأفغاني،و كان يصيح وهو يطلق النار عليه (خذها من يد جمال الدين) ..
ليتولى بعده ابنه مظفر الدين شاه (1313هجرية قمرية – 1896 ميلادية).
في تركيا مرةً أخرى:
في المرة الثانية التي دخل فيها جمال الدين تركيا دخل بمشروع سياسي أجاب به دعوة السلطان عبدالحميد الى الجامعة الاسلامية، وقدَّمَ ـ بصفته سنِّياًّ ـ مشروعات ترمي الى توحيد أهل السنة مع الشيعة. انظر: السلطان عبدالحميد الثاني، ص181.
¥