تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قيل للإمام أحمد قد مكنك الله من عدوك , هذا هو ابن دؤاد اصنع به ما شئت واحكم فيه ما شئت , فلم يتكلم بشيء!. ما قال أنتقم منه وأن هذه فرصة سانحة بل أعرض عنه , {وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفي وأصلح فأجره على الله} , (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تحن من خانك). استفتوه في أموال لابن أبي دؤاد وكانت أموالا جاءته من السلاطين فلم يرد منها شيئا وما أفتاهم بشيء. بل ذكر البيهقي حكاية عجيبة عن أبي الفضل التميمي عن الإمام أحمد أنه كان يدعو في سجوده ويقول: "اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق وهو يظن أنه على الحق فرده إليه حتى يكون على الحق حقا". هكذا حرصه ودعاؤه حتى للضالين والمحاربين والمبتدعين يدعو لهم بالهداية لأنه يقول: "ما علينا ألا يعذب الله أحد في النار بسببنا , اللهم إن قبلت من عصاة هذه الأمة فداء فاجعلني فداء لهم"! إلى هذا الحد حرصه على هداية الناس ودعوتهم إلى الخير وإنقاذهم من المعصية ودعوتهم إلى الطاعة والسنة!!

ناظر الإمام أحمد أهل البدعة في مجالس عديدة في زمن المعتصم وغيره فلم يكن يقول إلا هاتوا لي دليلا من كتاب الله تعالى. ما كان يسب ولا يشتم ولا يلعن ولا يرفع صوته ولا يتهم , فالمسألة ليست مشاتمة ولا ملاعنة ولا خصومه , وإنما كانت المسألة مسألة مناظرة بالدليل.

كلام الإمام أحمد في الرجال - الجرح والتعديل -: لم يكن يغلظ في القول ولا يبالغ في ذلك وإنما كان في كلامة إجمال وعفة وإعراض. فربما قال لا تأخذ الحديث عن فلان أو اتركه أو ما أشبه ذلك أو أشاح عنه بوجه وتركه. ولكن لا ينقل عنه الكلام الغليظ، فالكلمات المعروفة بالقسوة والشدة قلما تسمع من فم الإمام أحمد.

تواضعه: وهذا أمر عجيب أذكر منه نماذج فحسب. لم يكن يدع أحدا يستقي له الوضوء بل كان يأخذ الماء بنفسه , وربما خاط الإمام أحمد قلنسوته بيده، ويتولى شأنه مباشرة ويعمل فيه بيده أيضا. وربما خرج إلى البقال يشتري حاجته بيده ويحملها على كتفه {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ} هذا هو هدي المرسلين التواضع والبساطة والبعد عن الأبهة وعن الجبروت وعن الكبرياء ومن تواضع لله رفعه الله. قال له رجل: يا أحمد هذا العلم تعلمته لله؟ فقال: هذا شرط شديد , وفي رواية أنه قال أما لله فعزيز ولكن حبب إلي شيء فجمعته. وروى البيهقي أن رجلا قال للإمام أحمد: إن أمي مقعدة منذ سنين وإنها أوصتني أن آتي إليك لتدعو الله تعالى لها , فغضب الإمام أحمد وقال: أنا أدعو لله تعالى لها؟! أنا أحوج أن تدعو الله تعالى هي لي. فذهب الغلام وهو مكسوف وذهب إلى أمه يريد أن يخبرها بخبر الإمام أحمد. فلما ولى رفع الإمام أحمد يديه إلى السماء ودعا الله تعالى لها. فلما طرق الغلام الباب إذا أمه تفتح الباب له وقد عافها الله تعالى وشفاها ببركة دعاء الإمام أحمد لها. روى عنه ولده صالح وعبدالله أنه كان في مرض موته إذا أغمى عليه قال: لا بعد لا بعد، فلما أفاق قال: يا أبتِ ما كلمة تلهج بها قال: ما هي؟ قال: تقول لا بعد لا بعد , قال: إن الشيطان عرض لي في زاوية هذه الحجرة وهو عاض على أصبعه يقول: فتني يا أحمد فتني يا أحمد , فأقول له: لا ما فتك بعد .. فما دامت الروح في الجسد فأنا لم أفتك بعد والكيد قائم وربما كان هذا من كيد الشيطان للإمام أحمد أن يدخل على قلبه أو نفسه شيء من العجب فربما داخله ذلك، ولكن الله تعالى عصم الإمام أحمد بصدقه وورعه وتقواه فكان يقول لا ما فتك بعد. وقال المروزى لأحمد: ما أكثر الذين يدعون لك يا أحمد. قال: عسى ألا يكون هذا استدراجا. أي: من أجل ماذا يدعون لي؟ ما فيّ شيء يستحق أن يُدعى لي وأخشى أن يكون هذا من الاستدراج. قال له يا أحمد: كنا في بلاد الروم وقد هجم المسلمون على الكفار فكان الجنود وهم مرابطون في المعارك يدعون لك في الهزيع الأخير من الليل ويبكون ويسألون الله تعالى لك. فدمعت عيناه وقال: من أجل ماذا؟ أخشى أن يكون هذا استدراجا. قال: يا أحمد والله لقد رأيت الجنود يرمي أحدهم بالمنجنيق ويقول: هذا عن الإمام أحمد، فربما ضرب علجا من علوج الروم فقطعه أو قتله فبكى أحمد وقال: من أجل ماذا يصنعون هذا؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير