"وقد نصّ الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى في موضع على أن ما يؤخذ فقها مجردا عن الدليل لا يعتبر علما، وأن الجاهل البسيط خير من المقلد فقال رحمه الله تعالى":" إذا كان التفكير لازما للإنسان في جميع شؤونه وكل ما يتّصل به إدراكه فهو لطلاب العلم ألزم من كل إنسان، فعلى الطالب أن يفكّر فيما يفهم من المسائل وفيما ينظر من الأدلة تفكيرا صحيحا مستقلا عن تفكير غيره، وإنما يعرف تفكير غيره ليستعين به ثم لا بد له من استعمال فكره هو بنفسه. بهذا التفكير الاستقلالي يصل الطالب إلى ما يطمئن له قلبه ويسمى حقيقة علما وبه يأمن من الوقوع فيما أخطأ فيه غيره، ويحسن التخلص منه إن وقع فيه ... فالتفكير التفكير يا طلبة العلم فإن القراءة بلا تفكير لا توصل إلى شيء من العلم، وإنما تربط صاحبها إلى صخرة الجمود والتقليد وخير منها الجاهل البسيط «الآثار (3/ 91 - 92)
المبحث السابع: إصلاح منهج التعليم والعمل على تصفية الفقه
قال رحمه الله تعالى: "لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم، فإنما العلماء من الأمة بمثابة القلب، إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فَسد الجسد كله وصلاح المسلمين إنما هو بفقههم الإسلام وعلمهم به، وإنما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل فكذلك المسلمون يكونون فإذا أردنا الصلاح للمسلمين فلنصلح علماءهم، ولن يصلح العلماء إلا إذا صلح تعليمهم …ولن يصلح هذا التعليم إلا إذا رجعنا به إلى التعليم النبوي في شكله وموضوعه وصورته فيما كان يعلم r وفي صورة تعليمه ".الآثار (4/ 74).
و قال الشيخ رحمه الله تعالى بعد تصوير موجز لحال التعليم في عصر النبوة والسلف الصالح:
«هذا هو التعليم الديني السني السلفي، فأين منه تعليمنا نحن اليوم وقبل اليوم منذ قرون وقرون؟ فقد حصلنا على شهادة العالمية من جامع الزيتونة ونحن لم ندرس آية واحدة من كتاب الله ولم يكن عندنا أي شوق أو أدنى رغبة في ذلك، ومن أين يكون لنا هذا ونحن لم نسمع من شيوخنا يوما منزلة القرآن من تعلم الدين والتفقه فيه ولا منزلة السنة النبوية من ذلك. هذا جامع الزيتونة فدع عنك الحديث عن غيره مما هو دونه بمديد مراحل. فالعلماء إلا قليلا منهم أجانب أو كالأجانب من الكتاب والسنة من العلم بهما والتفقه فيهما، ومن فطن منهم لهذا الفساد التعليمي الذي باعد بينهم وبين العلم بالدين وحملهم وزرهم ووزر من في رعايتهم، لا يستطيع إذا كانت له همة ورغبة أن يتدارك ذلك إلا في نفسه، أما تعليمه لغيره فإنه لا يستطيع أن يخرج فيه عن المعتاد الذي توارثه الآباء والأجداد رغم ما يعلم ما فيه من فساد وإفساد"لآثار (4/ 76).
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 04:59 م]ـ
روابط
مبادئ الأصول للعلامة ابن باديس رحمه الله تعالى
http://www.merathdz.com/play-387.html
شرح مبادئ الأصول (مسموع) للشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=948&read=0&lg=392
وهي أصل الشرح المطبوع "الفتح المأمول"
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 05:04 م]ـ
الفصل الثالث: أصول السلوك
المبحث الأول: مصادر تلقي السلوك هي الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح
يقول الشيخ ابن باديس وهو يدعو إلى الرجوع إلى هدي القرآن في هذا الباب وينتقد الأوضاع الصوفية الغالية التي كانت سائدة في زمانه"بيَّن القرآن مكارم الأخلاق ومنافعها ومساوئ الأخلاق ومضارها وبيَّن السبيل للتخلي عن هذه للتحلي بتلك مما يحصل به الفلاح بتزكية النفس والسلامة من الخيبة بتدسيتها، فهجرنا ذلك كله ووضعنا أوضاعا من عند أنفسنا واصطلاحات من اختراعاتنا خرجنا في أكثرها عن الحنيفية السمحة إلى الغلو والتنطع وعن السنة البيضاء إلى الإحداث والتبدع وأدخلنا فيها النسك الأعجمي والتخييل الفلسفي، ما أبعدها غاية البعد عن روح الإسلام"الآثار (1/ 250). وقال رحمه الله وهو يحكي ما كان يجري في رحلة له في الغرب الجزائري:"فكنا نجيب بأن ما كان من باب تزكية النفس وتقويم الأخلاق والتحقيق بالعبادة والإخلاص فيها فهو التصوف المقبول، وكلام أئمته فيه ككلام سائر أئمة الإسلام في علوم الإسلام لابد من بنائه على الدلائل الصحيحة من الكتاب والسنة، ولابد من الرجوع عند التنازع فيه إليهما
¥