تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[11 - 03 - 08, 01:56 م]ـ

مع كتاب " الرد النفيس ... " لمحمد حاج عيسى -46 -

شرع الكاتب في المبحث الثاني من هذا الفصل في الرد على ما أوردته الكاتبة على ابن باديس رحمه الله في أسلوب التعامل مع الإدارة الفرنسية،مع أن هذه المسألة مندرجة في "باب السياسة التي لا يفهمها المبتدؤون في العلم ولا يسبر غورها إلا خواص العلماء" وقد رد الكاتب عن الشبهات التي رمي بها ابن باديس رحمه الله في هذا الباب ونحن نورد بعضها:

المطلب الأول: حكم تعزية الكفار

مما أنكرته الكاتبة (ص80) على الجمعية تعزية نشرت في العدد الأول من البصائر للوالي العام الفرنسي إذ توفيت زوجته، فوضح الكاتب أن ما انتقدته الكاتبة على الجمعية هو أمر في أصله مباح وقد نتجوز فندخله في باب التقية، ثم نقل عن ابن القيم نصا في هذه المسألة، قال ابن القيم بعد أن أورد أثرا في تعزية اليهود والنصارى وتوقف أحمد فيه:"فصل في تهنئتهم بزوجة أو ولد أو قدوم غائب أو عافية أو سلامة من مكروه ونحو ذلك، وقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد فأباحها مرة ومنعها أخرى والكلام فيها كالكلام في التعزية، والعيادة ولا فرق بينهما ولكن ليحذر الوقوع فيما يقع فيه الجهال من الألفاظ التي تدل على رضاه بدينه، كما يقول أحدهم متعك الله بدينك أو نيحك فيه أو يقول له أعزك الله أو أكرمك إلا أن يقول أكرمك الله بالإسلام وأعزك به ونحو ذلك، فهذا في التهنئة بالأمور المشتركة. وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب "أحكام أهل الذمة 1/ 144 وبين الكاتب أيضا أن الصحيح في مذهب المالكية والشافعية والحنابلة جواز تعزية الكافر بميته الكافر، والبحث عندهم فيما يقال له وهو فرع تجويز التعزية بل نص كثير من الفقهاء على الاستحباب إذا رجي منه الإسلام وتأليف القلب. فما دام الأمر مباحا فكيف إذا كان فيه مداراة للكفار واتقاء لشرهم ثم نقل فتوى عن اللجنة الدائمة فتاوى اللجنة الدائمة هذا نصها:" إن كان قصده من التعزية أن يرغبهم في الإسلام، فإنه يجوز ذلك وهذا من مقاصد الشريعة، وهكذا إذا كان في ذلك دفع أذاهم عنه أو عن المسلمين، لأن المصالح العامة الإسلامية تغتفر فيها المضار الجزئية " فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 132) إمضاء ابن باز وعفيفي وغديان وابن قعود.

ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[11 - 03 - 08, 02:00 م]ـ

في المطلب الثالث من هذا المبحث ناقش الكاتب الكاتبة في نقدها لمقولة ابن باديس لو أمرتني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله ما قلتها حيث آخذت الكاتبة (ص145) الإمام عبد الحميد ابن باديس بكلمته الشهيرة هذه ووصفتها بالعبارة الخاوية على عروشها المنحرفة عن العقيدة السلفية،وأن هذا القول تقشعر منه جلود الذين آمنوا وعرفوا قيمة لا إله إلا الله.

ووجه الكاتب حمل الكاتبة هذه الكلمة على ما حملته أنها ربما فهمت منها أنها لو أمرته فرنسا بالتوحيد لأمعن في مخالفتها فيرفض التوحيد ويصر على الشرك كقول بعض جهال العوام لو دخل فلان الجنة ما دخلتها، وهذا فيه بعد وتكلف ظاهر ولا يساعده سبب ورود هذه الكلمة.

ثم وضح الكاتب أن المقصود من الكلمة المتبادر إلى الذهن أن "فرنسا لو أمرته بذلك وكان فيه مصلحة لها لما قالها، ذلك أن الفرنسيين طلبوا منه إدانة النازية وأن يؤيد فرنسا على عدوتها ألمانيا ولو بكلمة واحدة فرفض، لأنه كان يعلم أن المراد هو استغلال كلمته لتجنيد الشباب الجزائري ليقاتل تحت اللواء الفرنسي، وكلنا يعلم أن كلمة الحق قد يراد بها الباطل بحسب الحال والزمان والمكان، فابن باديس يقول أنا لا أقول كلمة الحق ولو كانت كلمة التوحيد إذا كانت ستستغل في الباطل، فإن قيل وكيف تستغل كلمة التوحيد لنصرة الباطل؟ قيل كما قال الخوارج لا حكم إلا لله، فهذا من التوحيد وقد أرادوا به الباطل، هذا توجيه كلامه ولا محذور فيه والحمد لله رب العالمين."

قلت (سيد أحمد مهدي):يمكن أن يعتذر لفهم الكاتبة هذا الفهم من كلام ابن باديس رحمه الله تعالى بعذر أقبح من ذنب -كما يقال-،لأنها فهمت من الكلمة أن فرنسا لو طلبت من ابن باديس أن يدخل في الإسلام لما دخل ولأصر على الكفر، وهذا هو مقتضى سوء الظن بالعلماء والصالحين أن نحمل كلامهم على أأقبح المحامل وأشنعها، مع احتمال كلامهم المتشابه لمعان أخرى لا محذور فيها، فمن ساء ظنه وجعل الأصل في المسلمين البدعة والقدح لم يتبادر إلي ذهنه من أي كلام يسمعه إلا أقبح معنى، أما من جعل الأصل في المسلمين السلامة وتقرب إلى ربه بعبادة حسن الظن بالعلماء والصالحين، فإن الله تعالى يسوي فطرته،فلا يتبادر إلى ذهنه عند سماع كلمة حمالة وجوه من عالم أوصالح إلا أحسن المحامل، لذلك حمل الكاتب وكثير ممن سلمت فطرته كلمة ابن باديس هذه على المحمل السوي الحسن وهو أن فرنسا لو طلبت منه أن يقول بلسانه لا إله إلا الله كرامة لها وإرضاء لرغباتها ما قال ذلك، وهذا موقف من ابن باديس يحمد عليه وكلمة تؤثر عنه نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير