والجواب أن لحرية الأديان إذا تكلم بها المسلم في مخاطبة الكافر معنى يفهمه الكافر ومعنى يريده المسلم، والمسلم العارف بدينه يعلم أننا لسنا مكلفين بإبادة اليهود والنصارى والمجوس وأنه يجوز استبقاؤهم إذا أدوا الجزية فالمسلم العالم لا يعني بالحرية حرية تبديل الدين بالنسبة للمسلمين ولا يعني إعطاء الحرية للمنصرين.
خامسا: نوع خلافه مع الطرقية
زعمت الكاتبة بأن خلاف الشيخ مع الطرقية سياسي لا علاقة له بالدين فقالت في (ص106):"ولكنني في هذا السياق أود أن أشير إلى أن الطرقية لو كانوا أوفياء لوطنهم ولم يخونوا الجزائر مع فرنسا لما أنكر عليهم الشيخ ابن باديس طرائقهم الضالة، ولكن لما وقعت هذه الخيانة للجزائر حاربهم ابن باديس بادئ ذي بدء من أجل ذلك، ثم تتالت هجماته عليهم في النواحي الأخرى ".
وذكر الكاتب حفظه الله أن هذا من الظلم "الذي لا يجوز السكوت عنه، فالرجل عاش داعيا إلى التوحيد وإلى القرآن والسنة ومحاربا لمظاهر البدع العملية ومات على ذلك، وومماأجاب به الكاتب لدحض هذه الشبهة عن ابن باديس إيراده رد كتبه الشيخ ابن باديس على التيجانية، حيث قال بعد أن ذكر بعض معتقداتهم: " القرآن كلام الله وصلاة الفاتح من كلام المخلوق ومن اعتقد أن كلام المخلوق أفضل من كلام الخالق فقد كفر، ومن جعل ما للمخلوق مثل ما لله فقد كفر بجعله لله ندا فكيف بمن جعل ما للمخلوق أفضل مما للخالق" (الآثار (3/ 313).).وقال:" فمن اعتقد أن صلاة الفاتح علمها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لصاحب الطريقة التجانية دون غيره كان مقتضى اعتقاده هذا أنه مات ولم يبلغ وهذا كفر، فإن زعم أنه علمه إياها في المنام فالإجماع على أنه لا يؤخذ من الدين في المنام مع ما فيه من الكتم وعدم التبليغ المتقدم" (الآثار (3/ 316).
وقال في الأخير:"فاعتقاد أفضلية صاحب الطريقة التجانية تزكية على الله بغير علم وخرق للإجماع المذكور، موجب للتبديع والتضليل. 5 - عقيدة الحساب والجزاء على الأعمال قطعية الثبوت ضرورية العلم فمن اعتقد أنه يدخل الجنة بغير حساب فقد كفر. فالمندمج في الطريقة التجانية على هذه العقائد ضال كافر، والمندمج فيها دون هذه العقائد عليه إثم من كثر سواد البدعة والضلال" (الآثار (3/ 317) فهل هذا خلاف سياسي أم اعتقادي؟ ثم ذكر الكاتب أن الكاتبة مطالبة بالدليل على أن ابن باديس الذي تدعي أنه رد على الطرقية لولائهم للفرنسيين أنه استثنى من ردوده الطريقة الرحمانية والقادرية وهي من الطرق غير المرضي عنها عند الفرنسيين لكون أصحابها ممن قاومهم وحاربهم مع الأمير عبد القادر ومع المقراني، مع أن ابن باديس أنكر على الأصحاب الطرق جملة.
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 07:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأخ الكريم سمير زمال جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن المقري]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:14 م]ـ
جزى الله الأخ الفاضل حاج عيسى على هذا العمل المبارك، ومن نافلة القول أذكر أن لأخيكم رسالة بعنوان: المنهج النفيس لقراءة آثار الإمام ابن باديس، وقد يسرَّ الله تقديم فصولٍ منها في حصة أذيعت بالإذاعة الثقافية بالجزائر منذ حوالي سنتين.
يسر الله نشرها
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[24 - 06 - 08, 06:56 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى-68 -
سادسا: قضية الإخوان المسلمين
ومن العجائب التي أتت بها الكاتبة نسبتها الشيخ ابن باديس (ص149) إلى التأثر بالإخوان المسلمين، واستدلالها على ذلك بأمور وصفها الكاتب أنها تدل على السذاجة إذ جعلت من أدلة زعمها كلمة للعقبي وصف فيها تشكيل الجمعية وهدفها الذي ترمي إليه من جمع كل الجزائريين فقالت (ص91): " أليس هذا الفكر يشبه فكر الإخوان المسلمين في مسألة توحيد الصفوف وجمع المسلمين دون أدنى مراعاة لقاعدة التصفية والتربية …أليس هذا الكلام هو عين ما نادى به حسن البنا في مصر" وأجاب الكاتب حفظه الله تعالى ناقضا هذا التشبيه بإبداء فروق بين جمعية العلماء وجماعة الإخوان:
الفرق الأول: أن جمعية العلماء لا يكون عضوا عاملا فيها إلا العلماء، بينما كانت جماعة الإخوان جماعة مفتوحة لجميع الطبقات وليس من شرط المنضم إليها أن يكون طالب علم فضلا أن يكون عالما
الفرق الثاني: أن جمعية العلماء كانت جمعية وطنية جامعة للمسلمين ولا تفرق صفهم، بينما كانت جماعة الإخوان جمعية حزبية مفرقة، وهذا أظهر ما ينكر على الإخوان.
الفرق الثالث: أن جمعية العلماء أنشئت لتجمع الجهود أساسا على العلم والتعليم وهذا هو طريق التصفية والتزكية، بينما كانت جماعة الإخوان جمعية تجمع الجهود في مطالب سياسية بحتة.
ونبه الكاتب حفظه الله أن طائفة اليوم أصبحت تعد الفُرقة والتفرَّق من أصول الدعوة ومن مميزات أهل السنة، في حين أن أهل السنة ما أنكروا على الحزبيين إلا تفريقهم للمسلمين بالولاءات المحدثة، لأن هذه الطائفة نقلت وصفَ الغربةِ من مجرد وصفٍ كوني قدري إلى أصل يلتزم به ويقصد إلى تحقيقه شرعا، ويسعى للمحافظة عليه وعدم الانحراف عنه"
¥