تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 02:56 م]ـ

خطأ ابن باديس رحمه اللّه في مسألة التّوسّل

من المسائل الّتي أخطأ فيها الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه ووقف فيها موقفا مُبايّنا لمواقف علمائنا السّلفيين موقفه من التّوسل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، حيث أجاز هذا العمل الشّركي الّذي لم يعرفه صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وممّا لا شكّ فيه أنّ مسألة التّوسّل هذه ليست من صغار المسائل الّتي يجوز فيها تعدّد الآراء والاجتهادات، بل هي مسألة واضحة أعطى لها العلماء السّلفيّون الحقيقيّون حقّها من الشّرح والبيان، فها هو الإمام العلاّمة مجدّد السّلفية في زمانه الشّيخ "ابن عبد الوهاب" يعطي لهذه المسألة حجمها في العديد من مؤلّفاته، ولم يعتبرها من المسائل الّتي يجوز فيها الخلاف والاختلاف، وسار فيها على درب شيخ الإسلام "ابن تيميّة" وتلميذه "ابن القيّم" رحمهما اللّه، كما سار على درب هؤلاء كلّ علماء الدّيار السّعودية الّذين ألّفوا مئات الرّسائل في الرّد على شبهات المتوسّلين بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أو بجاهه، أمّا الشّيخ العلاّمة "الألباني" رحمه اللّه، فقد أفرد لهذه المسألة كتابا كاملا سمّاه (التّوسّل: أنواعه وأحكامه) ذكر فيه الأدلّة القاطعة على عدم جواز هذا الأمر .. أمّا الشّيخ "عبد الحميد بن باديس" رحمه اللّه، فقد تكلّم عن هذه المسألة في مواطن عديدة، فعرفت من خلال تتبّع كلامه أنّه يبيح التّوسّل بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مع الإشارة فقط إلى عدم استحبابه، وكان الواجب عليه أن يقطع بعدم الجواز، ولا يفتح المجال لأيّ إباحة في هذا الموضوع، لأنّه من الأمور الّتي أكثر فيها علماؤنا الكلام قديما وحديثا وقد بيّنوا خطورتها للنّاس .. قال الشّيخ "ابن باديس" في معرض حديثه عن التّوسّل شارحا حديث الأعمى وحديث الأعمى هو:

» عن عثمان بن حنيف أنّ رجلا ضرير البصر أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ادع اللّه أن يعافيني قال: إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخّرت ذاك فهو خير، (وفي رواية: وإن شئت صبرت فهو خير لك)، فقال: ادعه فأمره أن يتوضّأ، فيحسن وضوءه، فيصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدّعاء، اللّهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة، يا محمّد إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللّهم فشفّعه فيّ] وشفّعني فيه [. قال: ففعل الرّجل، فبرأ .. (1) .. قلت: قال "ابن باديس" عند شرحه لهذا الحديث: (لم يدع الأعمى النّبيّ صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلّم، ولم يسأله أن يشفيه هو لأنّ الدّعاء لقضاء الحوائج وكشف البلايا ونحو ذلك هو العبادة، وفي حديث النّعمان بن بشير المرفوع: (الدّعاء هو العبادة) رواه أحمد وأصحاب السّنن، والعبادة لا تكون إلاّ للّه لم يدعه لا وحده ولا مع اللّه لأنّ الدّعاء لا يكون إلاّ للّه، وهذا بخلاف ما يفعله الجهّال والضّلال من طلبهم من المخلوقين من الأحياء والأموات أن يعطوهم مطالبهم ويكشفوا عنهم بلاياهم، وإنّما سأله أن يدعو اللّه تعالى أن يُعَافيه وهذا جائز أن يسأل المؤمن من أخيه في حال حياته أن يدعو اللّه تعالى له، ومن هذا حديث البخاري في سؤال أم أنس بن مالك من النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يدعو لأنس خادمه فدعا له، ومن هذا ما رواه التّرمذي وأبو دار عن عمر بن الخّطاب قال استأذنت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في العمرة فأذن لي وقال: اشركنا يا أخي في دعائك ولا تنسنا، زاد في رواية التّرمذي فقال كلمة ما يسّرني أنّ لي بها الدّنيا، يعني قوله اشركنا إلخ، ثمّ أنّه توسّل بذاته بحسب مقامه عند ربّه، وهذا على الوجه الأوّل من الوجهين المتقدّمين في فصل التّراكيب، أو توسّل بدعائه، وهذا على الوجه الثّاني منهما .. فمن أخذ بالوجه الأوّل قال يجوز التّوسّل بذاته، ومن أخذ بالوجه الثّاني قال: إنّما يتوسّل بدعائه، ثمّ إنّ من أخذ بالوجه الأوّل فهذا الدّعاء حكمه باق بعد وفاته كما كان في حياته، ومن أخذ بالوجه الثّاني لا يكون بعد وفاته لأنّ دعاءه إنّما كان في حياته لمن دعا له، فالوجهان المتقدّمان كما ترى هما مثار الخلاف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير