تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثا: إصرار الأعمى على الدّعاء وهو قوله: "فادع" فهذا يقتضي أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم دَعَا لهُ، لأنّه صلّى اللّه عليه وسلّم خير من وفىَ بما وعد، وقد وعده بالدّعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدّعاء وأصرّ عليه، فإذن لابدّ أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم دعا له، فثبت المراد، وقد وجّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الأعمى بدافع من رحمته وبحرص منه على أن يستجيب اللّه تعالى دعاءه فيه، وجّهه إلى النّوع الثّاني من التّوسّل المشروع، وهو التّوسّل بالعمل الصّالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمره أن يتوضّأ ويصلّي ركعتين ثمّ يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة للّه سبحانه وتعالى يقدّمها بين يدي دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم له وهي تدخل في قوله تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة)، كما سبق، وهكذا لم يكتف الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بدعائه للأعمى الّذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها طاعة للّه سبحانه وتعالى وقربة إليه، ليكون الأمر مكتملا من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول والرّضا من اللّه سبحانه وتعالى) (1) .. إذن لا حجّة لمبيحي التّوسّل بحديث الأعمى لأنّ حديث الأعمى حجّة عليهم لا لهم، لأنّ مداره حول نوع من أنواع التّوسّل المشروع، وهذه الأنواع المشروعة هي:

أ ـ التّوسّل إلى اللّه عزّوجلّ باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا.

ب ـ التّوسّل للّه تعالى بعمل من الأعمال الصّالحة الّتي قام بها الدّاعي.

ج ـ التّوسّل إلى اللّه تعالى بدعاء الرّجل الصّالح الّذي يعتقد فيه الصّلاح والتّقوى، فالحديث فيه إشارة إلى النّوع الأخير من أنواع التّوسّل المشروع، وليس فيه دليل الجواز لا من قريب ولا من بعيد فلا حجّة "لابن باديس" رحمه اللّه في إباحة التّوسّل لا بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بذوات غيره من الصّالحين والأتقياء، ولا حجّة لمن يتساهل مع "ابن باديس" رحمه اللّه في هذا الخطأ من النّاحية العلميّة، لأنّ دعوتنا السّلفية ضوابطها واضحة وخطوطها متينة وفحواها صلب، ومعاييرها منضبطة، لا تداهن لا هذا ولا ذاك، فالأخطاء تبيّن للنّاس حتّى لا ينخدع بها أحد أمّا السّرائر والنّوايا فلا يعلمها إلاّ اللّه تعالى، فالمحاسبة هنا علمية وليست حكما على النّاس أفي جنّة النّعيم هم أم في النّار لأنّ منهجنا ليس خارجيّا والعياذ باللّه، فالحذر الحذر من أن يشكّ شاك من أنّني أحكم على الشّيخ "ابن باديس" ـ أو غيره من المسلمين بعلمائهم وعوامهم ـ بأنّه في النّار من أجل خطأ مهما كان حجمه لأنّ هذه الأحكام ممّا لا يعلمها إلاّ اللّه تعالى، ومع ذلك أقول إنّ مسألة التّوسّل ليست هيّنة وليست صغيرة، ولذلك اهتمّ بها علماء دعوتنا وعقدوا لها فصولا في كتبهم، وبيّنوا التّوسّل المشروع الّذي منه التّوجه للرّجل الصّالح ليدعو اللّه تعالى (وهذا جائز في الدّنيا والآخرة أن تأتي عند رجل صالح حيّ يجالسك ويسمع كلامك وتقول له ادع اللّه لي، كما كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسألونه في حياته، وأمّا بعد موته فحاشَا وكلاّ أنّهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السّلف على من قصد اللّه عند قبره، فكيف دعاؤه بنفسه صلّى اللّه عليه وسلّم) (2)، وممّا لا شكّ فيه أنّ المتوسّلين للّه تعالى بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فتحوا المجال لفعل ذلك ليس في دعائهم فحسب بل صاروا يتقصّدون قبره صلّى اللّه عليه وسلّم فيزيدون بذلك شركا على شرك والعياذ باللّه تعالى، لذلك كان على الشّيخ "ابن باديس" رحمه اللّه أن يغلق الباب بإحكام ولا يفتح مجال جواز التّوسّل للّه بذات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه زيادة على مجانبته الصّواب في هذه المسألة من حيث الاستدلال، فإنّه يعلم أنّ هذا الجواز يفضي إلى شركيّات أخرى منها، تقديس قبره عليه الصّلاة والسّلام وشدّ الرّحال إليه والقسم بشبّاكه كما هو معروف عند العوام الّذين يقسمون بقولهم (حقّ شّباك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم) .. فالواجب يتطلّب من العلماء غلق هذا الباب المفضي إلى الشّرك وزجر من يفعل ذلك لإعلاء راية التّوحيد بحقّ ونشر العقيدة الصّافية بدون كدر يعتريها أو دخن يمرّ بها ..

ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 02:59 م]ـ

نقلت ما سبق للمقارنة و الفائدة ..

يتبع إن شاء الله تعالى ..

ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[10 - 08 - 08, 03:08 م]ـ

ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 06:57 م]ـ

مع كتاب " الرد النفيس على الطاعن في ابن باديس" لمحمد حاج عيسى -70 -

عاشرا: اختلال معيار التزكية عند ابن باديس

ومن الأمور التي بدعت بها الكاتبة ابن باديس زعمها بأنه ذو معيار مختل في الثناء على الناس ومدحهم، من ذلك قولها (ص54):" إذن الشيخ ابن باديس يحكم على الشخصيات بمعيار البطولة والشجاعة وخوض الحروب ولا مانع عنده من تزكية العلماني مصطفى كمال أتاتورك لأنه في نظره بطل الأناضول وغاليبولي ولا مانع من تزكية عمر المختار لأنه ثبت في وجه الإيطاليين …وهذا الأمر يجعلني في شك مستمر من سلفية الشيخ ابن باديس في حد ذاته، لأن البطولات والزعامات والمواقف المتميزة بالشجاعة ليست دليلا على حسن المعتقد عند الكثيرين ". وأجاب الكاتب أن الخلل في فهم الكاتبة التي فهمت أن الثناء على الرجل في ميدان الحروب أو الشجاعة لا يجوز إلا لسلفي العقيدة -وموافق لمذهبها – وتساءل الكاتب عن "قول الكاتبة في جود حاتم وشجاعة عنترة هل نسلبها عنهما لكونهما كافرين من أهل النار، ما تقول في عظمة شعر امرئ القيس وغيره من الجاهليين هل نسلبها عنهم أيضا لأنهم فجار كفار."

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير