قال رحمه الله: «إن أكثر الأئمة غلطوا في مسائل يسيرة، مما لا تقدح في إمامتهم وعلمهم، فكان ماذا؟ فلقد انغمر ذاك في محاسنهم وكثرة صوابهم، وحسن مقاصدهم ونصرهم للدين» مجموع رسائل الحافظ ابن رجب (2/ 637) ..
ـ[سيد أحمد مهدي]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:50 م]ـ
مع كتاب "الرد النفيس ... " ... -85 -
أدلة وجوب الموازنة بين الصواب والخطأ
من الأدلة الكلية على وجوبها (مع حذف النقول عن أهل العلم):
1 - إن عقيدة أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم مبنية على الموازنة، وما نشأ مذهب الخوارج والمعتزلة والناصبة والرافضة إلا بمخالفتها والغفلة عنها.
2 - عموم الأدلة الآمرة بالعدل كقوله تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة:8)
3 - أنها طريقة علماء السلف في التعامل مع من أخطأ في المسائل الشرعية الاعتقادية والفقهية من غير فرق.
4 - ومن القضايا الكلية التي تعتبر فيها الموازنة باتفاق العلماء قضية تعديل الشهود وتجريحهم (وهي موازنة بين الطاعات والمعاصي).
5 - ومنها الموازنة في الحكم على رواة الأخبار (وهي موازنة بين الصواب والخطأ).
حكم من لم يقل بالموازنة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة، فهو مخطئ ضال مبتدع، ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا فهو مخطئ ضال مبتدع "مجموع الفتاوى (11/ 15).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين:" ليس من شأننا في هذا اللقاء أن نتحدث عن شخص بعينه، لكننا نقول كل إنسان له قدم صدق في الأمة الإسلامية من أول الأمة إلى آخرها، لا شك أنه يحمد على ما قام به من الخير، وثانيا نقول كل إنسان مهما بلغ من العلم والتقوى فإنه لا يخلو من زلل سببه إما الجهل أو الغفلة أو غير ذلك، لكن المنصف كما قال ابن رجب رحمه الله في خطبة كتابه القواعد:» المنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه «، ولا أحد يأخذ الزلات ويغفل عن الحسنات إلا كان شبيها بالنساء، فإن المرأة إذا أحسنت إليها الدهر كله، ثم رأت منك سيئة قالت: لم أر خيرا قط. ولا أحد من الرجال يحب أن يكون بهذه المثابة أي مثابة الأنثى يأخذ الزلة الواحدة وينسى ويغفل عن الحسنات الكثيرة، وهذه القاعدة أعني أننا لا نتكلم في الأشخاص بأعيانهم لا في مجالسنا في مقام التدريس ولا في اللقاءات ولا فيما يعد لنا من أسئلة، أقول هذه القاعدة نحن ماشون عليها ونرجو من الله تعالى أن يثبتنا عليها، لأن الكلام عن الشخص بعينه قد يثير تحزبات وتعصبات، والواجب أن نعلق الأمور بالأوصاف لا بالأشخاص، ونقول من عمل كذا فيستحق كذا ومن عمل كذا فيستحق كذا سواء من خير أو شر، لكن عندما نريد أن نقوم الشخص يجب أن نذكر المحاسن والمساوئ لأن هذا هو ميزان العدل، وعندما نحذر من خطأ شخص نذكر الخطأ فقط لأن المقام مقام تحذير، وفي مقام التحذير ليس من الحكمة أن تذكر المحاسن لأنك إذا ذكرت المحاسن فإنه سيبقى السامع متذبذبا فلكل مقام مقال، ومن أراد أن يتكلم على شخص على وجه التقويم فالواجب عليه أن يذكر محاسنه ومساوئه، وأقول إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإلا فالكف عن مساوئ المسلمين هو الخير، وأما من أراد أن يحذر من الخطأ فهذا يذكر الخطأ وإذا أمكن لا يذكر قائله فهو خير أيضا لأن المقصود هداية الخلق". لقاء الباب المفتوح الشريط رقم 111 الوجه الأول وراجع الشريط رقم 127 الوجه الثاني من السلسلة نفسها.
تنبيه مهم: ما هي الموازنة المذمومة
"يخلط كثير من الناس في هذا الزمان بين القاعدة الواجب التزامها في الحكم على الناس، وهي الموازنة بين الصواب والخطأ -والحسنات والسيئات-، وبين بدعة جديدة تبناها بعض الدعاة في مرحلة من المراحل سميت ببدعة الموازنة، وليست هي ما نحن بصدد بيانه والانتصار له، وإنما حقيقة الموازنة المذمومة عند أهل العلم إيجاب ذكر حسنات أهل البدع في مقام الرد عليهم، وهذا أمر واضح بطلانه" قيل للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: «فيه (أي يوجد) أناس يوجبون الموازنة: أنك إذا انتقدت مبتدعا ببدعته لتحذر الناس منه يجب أن تذكر حسناته حتى لا تظلمه؟» فأجاب: «لا ما هو بلازم، ولهذا إذا قرأت كتب أهل السنة وجدت المراد
¥