تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا يُعد عند أهل العلم تلاعب في نصوص العلماء، فإن كان فيه ما يخالف عقيدة السلف، فلا بدّ للمحقق أن يعلق عليه، دون حذف وتلاعب بالنصوص فهي أمانة تركها الأول للأخر، ودليل ذلك:

أنك نقلت في (ص: 19) عن الذهبي في ترجمة: (عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي)، ( ... ولد في المحرم سنة سبع وتسعين وخمسمائة (الصواب: خمسمئة) بالدير سفح قاسيون ... ).

حذفت كلمة: (المبارك) بعد الدير من نصّ الذهبي، وهو في تاريخ الإسلام المصدر الذي نقلت منه هكذا: (بالدير المبارك بسفح قاسيون).

الوقفة السابعة: المتناقضات عند أخي زياد تكلة:

نقل نصًا في (ص: 14) وقال: من عجائب ابن عبد الهادي في الحلم ورفعة الأخلاق ما رواه ابن طولون الصالحي: أن ابن عبد الهادي لما كان يثبت في البحث مع رجل سمّاه ربما تنخم هذا وبصق في وجهه، فيمسحه ابن عبد الهادي بيده، ويقول: هذا طاهر بإجماع المسلمين، هات إن كان معك شيْ.

وعلق في الهامش رقم (3) بقوله: (هذه شذرات يسيرة من إطباق الأئمة المنصفين العقلاء على تزكية هذا الإمام الجبل، وعاسكهم مخالفًا سبيلهم الكوثري المعاصر، فغمز بهذا العالم – كما وقع في غيره من أئمة الإسلام عبر القرون- بالعصبية والهوى! فالله حسيبه).

أقول لك: وإن كنّا نخالف الكوثري ولانرتضي بل ونتبرأ مما قاله في علماء السلف، إلا أنه كان يلزمك أن تتحلى بهذه الصفات عند التعامل مع نصوص العلماء.

فلو كنتَ علقت هذا الكلام في غير هذا المقام، ما كان عليك شيء، وإنما في مقام الكلام عن الحلم، ورفعة الأخلاق، تصف آخرًا، بالشتيمة والدعاء عليه، فما فعلت وعلّقت بعيد كل البعد عن أخلاق السلف، ولستُ في مقام الدفاع عن الكوثري، وإنما يلقى الكوثري جزاء ما فعل عند ربّه، ولكن الله حساب مع المتلاعبين بنصوص السلف.

وقال في (ص: 20، هامش 1) قلتُ: لم أجد ضرورة لتطويل الكلام حول ثقة الحافظ ابن طاهر من عدمها، نعم. قد تكلم فيه، ولكن المعتمد أنه ثقة في نفسه وحافظ بارع، أما أوهامه وما انحرف فيه عن السنة والعدالة، فلا يؤخذ عنه ولا عن غيره، والله يرحمه وإيانا وسائر المسلمين.

قلتُ: هذا من المتناقضات ولعل مردّها (العصبية والجهل والهوى). نصبتَ نفسك هنا كأنك من العلماء بالجرح والتعديل، ورجحّت دون أي مبرر أن الكلام في حق ابن طاهر، هو أنه: (ثقة في نفسه، وحافظ بارع) وترجمت في حقه وحقك وحق سائر المسلمين.

أين أنت من أخلاق ابن عبد الهادي، أليس هو من علماء السلف، وحقه أن تتخلق بأخلاقه.

ثمّ إن ابن طاهر الذي وثقته يقول فيه عبدالرحمن بن أبي عمر المقدسي (ص: 35): أن محمد بن طاهر وإن كان حافظًا، فلا يحتج بحديثه، كما ذكره السمعاني عن جماعة من شيوخه انهم تكلموا فيه، ونسبوه إلى مذهب المباحية (أي إباحة الغناء والنظر للمردان) وعنده مناكير في كتابه المسمى بصفة أهل التصوف، وهذا الحديث منها، وله في إباحة اللهو والغناء والرقص مناكير، روى فيه عن مالك وغيره من أئمة الهدى المتقدمين حكايات عنهم منكرة باطلة قطعًا، وقال محمد بن ناصر: محمد بن طاهر ليس بثقة.

الوقفة الثامنة: جهله بالحديث وبطرقه:

ادّعى في (ص: 20) بقوله: (أقول: هذا الحديث لم يروه أحد قبل الحافظ ابن طاهر (ت507) وأطبق الأئمة على إنكاره).

هكذا ادّعيت، وقد تقدم قريبًا أنك رجّحت ابن طاهر أنه ثقة حافظٌ، وهنا ذكرت أنه لم يروه قبل ابن طاهر هذا الحديث أحد.

إذا تأملت في طريق الحديث، وهذا إسناده:

عن أبي منصور محمد بن عبد الملك المنقري بسرخس، عن الفضل بن منصور بن نصر الكاغذي، عن الهيثم بن كُليب الشاشي، عن عمّار بن إسحاق .....

ففي إسناده (الهيثم بن كليب الشاشي) المتوفى سنة (335هـ) صاحب المسند المعروف، وقد طبع جزء منه في ثلاثة مجلدات، فمعنى ذلك أن الحديث له أصل قبل ابن طاهر (ت507هـ)، وابن طاهر يرويه بإسناده من طريق الهيثم بن كليب الشاشي، صاحب المسند المعروف.

فكيف تذكر أنه لم يرو هذا الحديث قبل الحافظ ابن طاهر أحد.

الهيثم بن كليب شاشي، وشاش هي المدينة التي تسمّى الآن بـ (طشقند) عاصمة أزبكستان، من بلاد ما وراء النهر، يقول ابن أبي عمر (ص: 36): (ثمّ إن هذا الحديث من رواية مَنْ وراء النهر، وهم كثيروا الغرائب التي لا تعرف والموضوعات ... ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير