من مميزات الكتابات التاريخية في المغرب: الاعتناء بالتأريخ للمدن والمناطق، وهذا المجال في كتابة التاريخ – وإن كان لم يبرز بوضوح إلا في القرن الرابع عشر الهجري (العشرين الميلادي) – فإنه يعد علما بارزا في مجالات كتابة التاريخ في المغرب. فنحن لا نجد مدينة من مدنه، أو منطقة من مناطقه إلا وتصدى أعلامها لكتابة تاريخها، وتدوين حياة أعلامها أو زعمائها.
تاريخ فاس وأهم ما كتب فيه:
ولا تعد مدينة فاس بدعا في اعتناء العلماء بكتابة تاريخها، وتدوين أيامها. بل لا يستغرب نيلها القدح المعلى في تدوين مختلف جوانب تاريخها السياسي والاجتماعي والحضاري. فهي أول عاصمة للمغرب، وبلدة مولانا إدريس الأزهر وقلعة ملكه، وهو – كما لا يخفى – ثاني مؤسس للمغرب ورائد لحضارته الإسلامية بعد والده الإمام مولانا إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل الشريف الحسني - رضي الله عنهما- وفاس مركز العلم والثقافة والحضارة بالمغرب الإسلامي عموما، وعرين زعمائه وساسته على مر الحقب والأزمان، وعاصمة ملكه وممالكه، مع استثناآت لم تحجب سبقيتها وتقدمها. وجامعة القرويين وملحقاتها من المدارس العلمية والمساجد؛ نبراس المغرب الخفاق، وآلة صنع أطره العلمية بمختلف ألوانها. ولذلك فقد كانت الأعين متوجهة إليها، والأقلام متحفزة لتدوين مزاياها ومباهجها.
ولعل أول ما ألف من الكتب حولها: تدوين صلحائها وأوليائها؛ وهو كتاب: "المستفاد، في مناقب العباد، بمدينة فاس وما يليها من البلاد"، المختلف نسبته بين الإمامين أبي عبد الله محمد بن علي الكتاني الفندلاوي (595)، وتلميذه أبي عبد الله محمد بن قاسم التميمي (603). الذي عد أقدم كتاب في تراجم صلحاء المغرب (2).
وبعد كتاب "المستفاد" تتابع الأعلام في التأريخ لها من مختلف الجوانب؛ ويمكن تلخيص أهم ما ألف بخصوص مدينة فاس، منذ نشأتها إلى زمن صاحب "السلوة" في التالي:
1. "المقتبس في أخبار المغرب وفاس والأندلس". تأليف محمد ابن حمادة السبتي. (ت؟؟).
2. "المقباس، في أخبار المغرب والأندلس وفاس".تأليف عبد الملك بن موسى الوراق. (ت بعد عام 578).
3. "الأنيس المطرب بروض القرطاس، في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس". تأليف علي بن عبد الله ابن أبي زرع الفاسي. (ت بعد عام 726).
4. "الأنيس المطرب بروض القرطاس، في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس". (آخر). تأليف صالح بن عبد الحليم الإيلاني المصمودي. (ت 726).
5. "جنى زهر الآس في بناء مدينة فاس". لأبي الحسن علي الجزنائي. (كان حيا عام 766).
6. "ذكر بعض مشاهير أعيان فاس في القديم". تأليف إسماعيل ابن الأحمر. (ت 808).
7. "جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس".تأليف القاضي أحمد بن محمد ابن القاضي المكناسي. (ت1029).
8. "بيوتات فاس الصغرى". تأليف الحافظ عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي الفهري. (ت 1096).
9. قصيدة في صلحاء فاس. تأليف الحافظ عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي الفهري. (ت 1096).
10. "التنبيه على من لم يقع به من فضلاء فاس تنويه". تأليف محمد بن محمد ابن عيشون الشراط. (ت1109).
11. "الروض العاطر الأنفاس في أخبار الصالحين من أهل فاس". تأليف محمد بن محمد ابن عيشون الشراط. (ت1109).
12. "الدر السني في بعض من بفاس من أهل النسب الحسني".تأليف المؤرخ الشريف عبد السلام بن الطيب القادري. (ت1110).
13. "الدر النفيس، والنور الأنيس، في مناقب الإمام إدريس بن إدريس". تأليف الإمام أحمد بن عبد الحي الحلبي ثم الفاسي. (ت1120).
14. "روضة الآس، العطرة الأنفاس، في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين: مراكش وفاس".للأديب القاضي أحمد بن محمد المقري. (ت1041).
15. أرجوزة في مشاهير صلحاء فاس. للشيخ محمد المدرع الأندلسي الفاسي. (ت1147).
16. وفيات فاس في القرن الثالث عشر؛ المسمى: "الشرب المحتضر، والسر المنتظر، من معين أهل القرن الثالث عشر"، لوالد صاحب "السلوة": شيخ الإسلام جعفر بن إدريس الكتاني الحسني. (ت1323).
وهكذا دواليك.
ومع اعترافنا بالتقصير في تدوين تاريخ هذه المدينة المباركة؛ فإن ما كتب عنها وحولها يربو عن خمسين مجلدا إن جمع في موسوعة، بل ما كتبته أسرة واحدة عن تاريخ فاس – وهي أسرتنا الكتانية – يفوق – إن جمع – العشرين مجلدا.
¥