تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب


(1) انظر "مرآة المحاسن" للعربي الفاسي ص69.
(2) وهو يعد من مفقودات الخزانة المغربية. وقد طبع القسم الموجود منه أخيرا ضمن منشورات جامعة عبد الملك السعدي بتطوان، بتحقيق الدكتور محمد الشريف.

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[18 - 01 - 06, 07:45 م]ـ
-تابع-

سلوة الأنفاس:

أتم الإمام محمد بن جعفر الكتاني تأليف هذه "السلوة" حدود عام (1316/ 1894) (1)، بعد أن أمضى في كتابته أربعة عشر عاما تقريبا، جاب فيها مختلف زقاق ودروب فاس، ومختلف الأرباض والمقابر والمساحات المثاخنة لأسوارها، ورجع فيها إلى النادر والمتاح من المؤلفات والقصاصات والأوراق والكنانيش التي كتبت عن تاريخ رجالات فاس، ولو عرضا، ثم استقى معلومات عن أخبار مترجميه من أفواه الرجال، متدرجة بين أخبار موثقة وأخرى غير موثقة.

أ – جذور وأسباب كتابة السلوة:

يشير مؤلف "السلوة" – رضي الله عنه – إلى أهم أسباب تأليفه لهذا الكتاب؛ وهي:

1. كثرة من ورد بهذه المدينة الإدريسية من العلماء، والصلحاء.

2. ضياع أخبار معظم من عرف بها بالعلم والصلاح، وإهمال كتابة تاريخهم.

3. ضياع معالم هؤلاء العلماء والصلحاء؛ من حيث دثور زواياهم وانهدام أضرحتهم.

4. قلة الدين وعدم المبالاة.

فهو إذا؛ يحفظ تاريخ علماء فاس وصلحائها، ويجبر خلل إهمال المغاربة للتأريخ لرجالاتها، ويصف أضرحتها وتاريخ بنائها، وأهم مقاماتها ومعالمها المتعلقة بما مر، ويعمل على إنقاذ الناس من قلة الدين وعدم المبالاة ...

فكتابه: كتاب تاريخ لرجالات فاس، ولأهم معالمها المتعلقة بتلك الرجالات، وكتاب دعوة إلى الله تعالى، وتوعية لمختلف شرائح المجتمع. فهو كتاب تراجم، وآثار (أنثروبولوجيا)، ودعوة إلى الله تعالى، ووعي اجتماعي بالدرجة الأولى.

وبالنظر إلى ما كتبه العلماء في تاريخ فاس عبر عصورها إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي)؛ نجد أن أوسع تلك الكتب وأكثرها إيعابا؛ هو: كتاب "جذوة الاقتباس" لأبي العباس ابن القاضي المكناسي، الذي انتهى به مؤلفه إلى نهاية القرن العاشر الهجري. ويعد آخر كتاب استقصى رجالاتها. فتبقى الفترة من القرن الحادي عشر إلى نهاية الثالث عشر – وهي ثلاثة قرون – خلوا عن دراسة وتأريخ شامل لرجالات تلك الفترة؛ استقصاء وجردا.

ولا ننكر أن جملة من رجالات فاس الغراء ومؤرخيها قاموا بمجهودات تذكر فتشكر في هذا الميدان، وإن كانت بعيدة عن الاستقصاء الشمولي، والدقة العلمية، نسبة إلى ما نجده في "السلوة". ومن أهم تلك الأعمال: "الروض العطر الأنفاس" لابن عيشون الشراط، ومنظومة المدرع في صلحاء فاس. مع تقديرنا الكبير للجرد الذي قام به الشريف محمد بن الطيب القادري في "نشر المثاني"، الأمر الذي جعله لبنة مهمة لكل من أراد الكتابة عن فاس ورجالاتها.

وفي العموم؛ يؤخذ على جل ما أسلفناه من الكتابات عدة أمور:

1. الاقتضاب في ذكر التراجم.

2. عدم الاستقصاء والبحث الميداني. وهو أمر يعاب في كتاب المغرب عموما – باستثناء صاحب "السلوة".

3. عدم الدقة في نقل الأخبار، وتحرير المشكوك منها والمختلف فيه.

4. شح المصادر المعتمدة فيها، والاقتصار على المصادر المغربية، والفاسية، بل؛ والمعاصرة للمؤلف.

5. عدم وجود كتاب – على الأقل حسبما وقفنا على تسميته – يتعرض لأطلال فاس، ومعالمها الحضارية، ومقامات أوليائها وأعلامها.

وبهذا الاستقصاء المقتضب؛ نلمس أهمية صدور كتاب كـ: "سلوة الأنفاس"؛ يجبر جل النقائص التي اتسمت بها كتب التاريخ الفاسي، ويجمع بين دفتيه أخبار أعلام فاس من شيوخ علم وشيوخ أخلاق؛ الذين هم – في حقيقة الأمر – نتاج الحضارة الإسلامية المغربية، يوم كان المغرب لا ينظر إلى الطائفية ولا الإثنية، ولا الطبقية، ولا القوانين الوضعية ... معتزا بدينه وقيمه الإسلامية، متنسلا عن شريعة سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله.

ب – منهجية المؤلف في "السلوة":

عام (1316/ 1898) ظهرت "سلوة الأنفاس"، وعد ظهورها بداية مرحلة مهمة من مراحل كتابة التاريخ المغربي، حرية بالتوقف عندها، والبحث فيها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير