تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالواسطية مثلا، ليس من الكتب التيمية التي تتجه إلى تلك المباحث المعقدة في الأسماء والصفات. بل هو إلى الجانب الإنشائي والبنائي أقرب منه إلى الجانب الهدمي والنقدي. فبداية الكتاب هي ذكر كلمتي التوحيد وأركان الإيمان الست، وهذا مناسب جدا للطلبة المبتدئين حيث أسست لهم فيها مبادئ العقائد وأسس الإيمان. ثم مضى ابن تيمية رحمه الله في تفصيل الركن الأول من الإيمان، مبتدئا بأن من الإيمان بالله الإيمان بأوصافه تعالى. وبين مع ذلك مصادر هذه المعلومة الأساسية، وهما القرآن والسنة. ثم بين المنهج الذي يتبعه أهل السنة في التعامل مع نصوص الصفات، وهو "الإيمان بها من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، ولا إلحاد ولا قول بغير علم". فالله تعالى واحد في أوصافه، لا سمي له ولا كفو ولا ند ولا قياس. وهو أعلم بنفسه وبغيره، فنصدقه فيما قال ولا نتقوّل عليه ما لم نعلم.

فمثل هذه المبادئ الأساسية في العلم والإيمان والعمل والمنهج، كيف لا يناسب الطالب ولا ينفعه؟! فَلاَ عُدُولَ لأَهْلِ السُّنَّةٌ وَالْجَمَاعَةِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ؛ فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ والصَالِحِينَ.

ثم سرد شيخ الإسلام بعد ذلك آيات من الكتاب العزيز تعطي بمجموعها معلومات قيمة للطالب عن أوصاف الله تعالى وأسمائه - وهذا مهم جدا في ترسيخ الركن الأول من أركان الإيمان. لا سيما وأنه رحمه الله أتبع ذلك بذكر الأحاديث الواردة فيها مما يجعل الطالب على شعور ظاهر أنه في هذا الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى هديه وتعاليمه. وهذا جمع بين الإيمان بالله وبين اتباع منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحينما وقف الطالب الواعي هذا الموقف الثابت القيم، بدأت (الواسطية) تدعمه بإثبات أنه في هذا يكون مع الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الوسط والاعتدال. ومن الضروري جدا أن هذا الوصف بالوسطية يتطلب معرفة الأطراف المتطرفة الذين يقفون في الهوامش. فهنا ذكرت (الواسطية) تلك الفرق المتطرفة بالإيجاز الشديد من غير دخول في التفاصيل:

"بَلْ هُمُ الْوَسَطُ فِي فِرَقِ الأُمَّةِ؛ كَمَا أَنَّ الأُمَّةَ هِيَ الْوَسَطُ فِي الأُمَمِ؛ فَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ صِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَ أهْلِ التَّعْطِيلِ الْجَهْمِيَّةِ، وَأَهْلِ التَّمْثِيلِ الْمُشَبِّهَة؛ ِ وَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ أَفْعَالِ اللهِ بَيْنَ الْجَبْرِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ. وَفِي بَابِ وَعِيدِ اللهِ بَيْنَ الْمُرْجِئَةِ والْوَعِيدِيَّةِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغِيْرِهِمْ. وَفِي بَابِ أَسْمَاءِ الإِيمَانِ والدِّينِ بَيْنَ الْحَرُورِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ. وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بَيْنَ الرَّافِضَةِ وَ الْخَوَارِجِ."

هكذا بكل الإيجاز والإجمال! من غير عقد المناقشات الطوال ولا المناظرات التحليلية المملوءة بالاستطرادات أوالنقولات الهائلات. بل بقدر ما تثبت به عقائد الطالب واستقام أمره.

ثم بعد ذلك، زاد المؤلف شيئا من التوضيح لما عساه أن يقوم بذهن الطالب من الإستشكالات والتسائلات كالجمع بين صفة العلو والمعية، وبين الاستواء والقرب، وما إلى ذلك مما يصان به الذهن من الظنون الكاذبة. ثم بيان أن القرآن - الذي أمرنا بالإيمان به في الركن الثالث من أركان الإيمان - كلام الله تعالى. فحروفه ومعانيه غير مخلوق، لأن المتكلم به إبتداء هو الخالق لا المخلوق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير