ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[26 - 12 - 07, 02:28 م]ـ
أخي نضال بارك الله فيك ونفعنا بعلمك وثبتنا وإياك على الصراط المستقم
أتفق معك تماما في الشمول الذي ذكرته في استعراضك لكتاب الإمام ابن تيمية "الواسطية".
ولعلك تعيد قراءة الكلام السابق لتعرف أن محل إشكالي لم يكن منصبا بالأساس على ابن تيمية بقدر ما هو نازل علينا نحن اليوم لاسيما المشتغلين بتراث ابن تيمية.
وعندي سؤال أريد الصراحة والتجرد في الجواب عنه:
فبعد تسلمي بالشمول الذي قررته عن الواسطية أريد أن أسأل:
ألا يوجد تفاوت في كتاب الواسطية من جهة تقرير المسائل، أريد أن أعرف سبب هذا التفاوت
ألم يشكِّل مبحث الأسماء والصفات نصف حجم الكتاب بسبب الإشكال الواقع في هذا الباب.
ألم يجمل ابن تيمية رحمه الله مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومسائل الجهاد بسبب عدم إشكالية هذه المسائل.
ولعلي أكون معك صريحا إذا قلت: نحن اليوم نعالج بالأساس مشاكل ابن تيمية مع متأخرة الأشاعرة بالأساس.
ألسنا ندرس بعد الواسطية كتاب الحموية الذي موضوعه تقرير موافقة مذهب متأخرة الأشاعرة لمذهب الجهمية الأولى.
ألا ندرس بعدهما كتاب التدمرية الذي عالج أدق المسائل في باب الأسماء والصفات، وحاول في الباب السابع أن يحيب عن سؤالهم الكبير على إلزامات أهل السنة لأهل البدع.
هل بالضرورة أن يكون باب الأسماء والصفات الذي كان مشكلا في زمن ابن تيمية حتى اشتغل في تقريره والرد على المخالفين فيه في غالب كتبه.
هل بالضرورة أن يكون اليوم كذلك؟
هل من الضرورة أن يكون الرازي والجويني الذين شكلا نصيب الأسد من كلام ابن تيمية، أن يكونا اليوم كذلك.
هل انحصرت المشاكل والأخطاء العقيدة بين كتبي الرازي والجويني؟
تجد اليوم المتخصص في العقيدة يعرف دقائق أخطاء هؤلاء وغيرهم من أهل الأهواء بينما تجده جاهلا بكل ما تعنيه هذه الكلمة بمجرد أسماء طوائف وأعيان من المنافقين المتمحضين الذين جهروا نهارا بالنيل من الإسلام وأهله.
لعل ابن ابن تيمية – لا زالت شآبيب الرحمة تتنزل عليه – أغنانا بما صنع وألف فحلَّ مشكلة، فما الداعي اليوم إلى استصحاب مشاكله اليوم كما هي وإعادة حلها، أنحل محلولا!
الإيمان بالغيب من أهم المسائل التي أرستها النصوص وكان ركنا للإيمان لا يتم إلا به.
ولم يقع عند أئمة الإسلام الاشتغال بتقرير هذا الباب بسبب وضوحه وعدم إشكاليته وأن المشككين فيه إنما هم طوائف من أهل الأهواء الذين لا رواج لبدعهم بين الناس.
وإن كانوا قد نبهوا بقلة على هؤلاء وأجابوا عن بعض شبههم كما صنع ابن قتيبة الدينوري في كتابه "مختلف الحديث".
ووقع تقرير هذه المسألة بإجمال في الكتب التي كتبت في اعتقاد أهل السنة والجماعة، وعلى رأسها كتب ابن تيمية وإن كان منزعه فيها فلسفي.
اليوم نجد هذا الباب في أمس الحاجة إلى نفرة أهل العلم في تقرير هذا الباب العظيم بنصوص الوحيين بسبب الخلل الواضح في تمام الإيمان بهذا الباب العظيم.
أرجع وأعيد سؤالي حتى لا ينسي أخر الكلام أوله:
ألا يوجد تفاوت في كتاب الواسطية من جهة تقرير المسائل، أريد أن أعرف سبب هذا التفاوت؟
وهل كان نظر ابن تيمية حين كتب ما كتب في الاعتقاد متمحضاً في النظر إلى النصوص بمعنى أن كتبه جاءت على وفق النصوص قدرا وحجما وأنه لا فرق في تأليفه بين القرن السابع أو الثالث أو العشرين؟ وأنه لا فرق البتة بين لو ألفه ابن تيمية في جبال مكة أو مجاهيل أفريقيا.
لا تقل لي: إن باب الأسماء والصفات مشكلاً إلى اليوم، والخطأ فيه شائع، فإن صاحبك مقر بهذا ولكن الكلام والشأن في قدر هذا الخطأ بين أخطاء اليوم، وما يجب أن يناله من نصيب الردود.
فربما كان هذا الإشكال في زمن ابن تيمية يشكل 70% من الأخطاء العقدية لكنه ربما اليوم تقلص إلى 5% بسبب ما زاحمه من لوث النفاق وأهله.
فينبغي أن تتراواح الردود حسب المعطيات اليوم لا معطيات الأمس.
فإن كانت المعطيات لا تتغير فلا حاجة أصلا إلى كتب ابن تيمية ولا حتى إلى دراسة مسألة خلق القرآن التي جدت في زمن الإمام أحمد.
وإنما نصير مباشرة إلى النصوص ونكتفي بها قراءة ودراسة، ولا أظن أحداً ينحى هذا المنحى مصادرا كتب أهل الإسلام لاسيما ما كان في باب أصول الدين.
وأهم نقطة عندي هي أن طالب العلم المبتدئ يجب أن يدرس باب الأسماء والصفات على الطريقة التي أشار إليها أستاذنا "أبو عبد الله وابنه"، وليته مع ذلك يضيف إليه شروط "لا إله إلا الله" السبعة التي ذكرها حافظ حكمي في أعلام السنة المنشورة.
فإن هذا يؤسس حقيقة الاعتقاد والإيمان الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا أن ينتقل مباشرة من جاهليته المظلمة إلى الردود على أهل البدع والأهواء من غير تأسيس البناء.
فلا يرى نور الهداية اسما ولا رسما وإنما انتقل من ظلمات جاهليته إلى شبه أهل الأهواء والبدع فلا يتلمس النور الذي أنزل الله بله قد يجد لجاهليته فضلا من شهوة وأنس ....
¥