تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كُلّهَا: تَرْكُهَا عَلَى حَالهَا. هَذَا هُوَ الظَّاهِر مِنْ الْحَدِيث الَّذِي تَقْتَضِيه أَلْفَاظه , وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - يُكْره حَلْقهَا وَقَصّهَا وَتَحْرِيقهَا , وَأَمَّا الْأَخْذ مِنْ طُولهَا وَعَرْضهَا فَحَسَن , وَتُكْرَه الشُّهْرَة فِي تَعْظِيمهَا كَمَا تُكْرَه فِي قَصِّهَا وَجَزّهَا. قَالَ: وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف هَلْ لِذَلِكَ حَدّ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُحَدِّد شَيْئًا فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتْرُكهَا لِحَدّ الشُّهْرَة وَيَأْخُذ مِنْهَا , وَكَرِهَ مَالِك طُولهَا جِدًّا , وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّدَ بِمَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَة فَيُزَال , وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ الْأَخْذ مِنْهَا إِلَّا فِي حَجّ أَوْ عَمْرَة ... وَالْمُخْتَار تَرْك اللِّحْيَة عَلَى حَالهَا وَأَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهَا بِتَقْصِيرِ شَيْء أَصْلًا ... وَاللَّهُ أَعْلَم.

(7) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ (الترمذي)

تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي:

... (وَاعْفُوا اللِّحَى) مِنْ الْإِعْفَاءِ وَهُوَ التَّرْكُ , وَقَدْ حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ خَمْسُ رِوَايَاتٍ اُعْفُوا وَأَوْفُوا وَأَرْخُوا وَارْجُوا وَوَفِّرُوا , وَمَعْنَاهَا كُلُّهَا تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا. قَالَ اِبْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ: يُقَالُ فِي جَمْعِ اللِّحْيَةِ لِحًى , وَلِحًى بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ. قَالَ الْحَافِظُ: قَالَ الطَّبَرِيُّ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَكَرِهُوا تَنَاوُلَ شَيْءٍ مِنْ اللِّحْيَةِ مِنْ طُولِهَا وَمِنْ عَرْضِهَا , وَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ يُؤْخَذُ الزَّائِدُ , ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ إِلَى اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ , وَإِلَى عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ , وَمِنْ طَرِيقِ أَبَى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ فَعَلَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ: كُنَّا نُعْفِي السِّبَالَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ , وَقَوْلُهُ نُعْفِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ نَتْرُكُهُ وَافِرًا , وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا نُقِلَ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ , فَإِنَّ السِّبَالَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ سَبَلَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ: وَهِيَ مَا طَالَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ , فَأَشَارَ جَابِرٌ إِلَى أَنَّهُمْ يُقَصِّرُونَ مِنْهَا فِي النُّسُكِ. ثُمَّ حَكَى الطَّبَرِيُّ اِخْتِلَافًا فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ اللِّحْيَةِ هَلْ لَهُ حَدٌّ أَمْ لَا , فَأَسْنَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَخْذِ الَّذِي يَزِيدُ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ الْكَفِّ. وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا مَا لَمْ يُفْحِشْ , وَعَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ , قَالَ وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ النَّهْيَ عَلَى مَنْعِ مَا كَانَتْ الْأَعَاجِمُ تَفْعَلُهُ مِنْ قَصِّهَا وَتَخْفِيفِهَا , قَالَ وَكَرِهَ آخَرُونَ التَّعَرُّضَ لَهَا إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ , وَأَسْنَدَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاخْتَارَ قَوْلَ عَطَاءٍ وَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَرَكَ لِحْيَتَهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهَا حَتَّى أَفْحَشَ طُولُهَا وَعَرْضُهَا , لَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَنْ يَسْخَرُ بِهِ. وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا اِنْتَهَى. ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَافِظُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عِيَاضٌ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَقَصُّهَا وَتَحْذِيفُهَا , وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا إِذَا عَظُمَتْ فَحَسَنٌ ,

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير