يرى الكثير تخطئة هذا القائل و لكن أرى وجوب البرهان قبل التخطئة و سيعييك طلبُه فما من فنٍّ إلاَّ و أصَّلوا فيه و فرَّعوا بالحجَّةِ و البرهانِ و الدَّليل الصحيح و الضعيف، بالعقل و الحسّ، فكيفَ لا يحيا خَلْفُهُم.
أرأيت كيف تريد أن تحولهم من مذهب إلى آخر ... مشكلة المالكية المغاربة أنهم لم يستفزوا بمثل هذا من قبل ... لأن دارهم استقر فيها المذهب فلم يجدوا منافسًا معتبرًا ... فانحصروا في مذهبهم ... وإلا لكان لهم شأن مثل مالكية العراق حيث كانت المنافسة على أشدها ...
ثمّ قال أخونا الحبيب الفهم الصَّحيح:
ربما علمت من أين أتي أخونا وفقه الله .. فربما لم يفرق بين تقديم أقوال الإمام في المدونة على أقواله في الموطأ ... و عدم عده عمدة في المذهب ... فظن هذا هذا ... وبينهما فرق بيّن ...
أقول: كلاَّ أيها الحبيب قد فرَّقتُ،
لم تفرق رحمك الله ... وسؤالي ما زال قائما ... من من المالكية قال: إن الموطأ غير معتمد في المذهب؟
و ما المدوَّنة بجنب الموطَّأ
الموطَّأ رواية الإمام مالك و المدوَّنَةُ ليست كذلك
المدونة تضمنت شيئا غير قليل من أقوال الإمام ... وما ليس من قوله فهو جار على طريقته في مجمله ... منسوب لصاحبه ...
تواتر نسبة ما في الموطَّأ لمالك و ليس الأمر كذلكَ للمدوَّنة
هذا لا يضير ... ولا يغير من الأمر شيئا ..
أين رواية ابن القاسمِ من رواية غيرهِ عن الإمام ...
رواية ابن القاسم الفقهية في الذروة العليا عندهم لأسباب وجيهة ذكروها .. ولهم ما اختاروا فما عتبك عليهم وفقك الله؟
أقولُ كما قُلتَ. . . بينهما فرقٌ بيِّن!!
وما زلت أقول: بينهما فرق بيّن ... ما أظنك تدريه لساعتنا.
و صدقتَ حينَ ختمتها بقولكَ ... والتَّدقيق عزيز مثل التَّوفيق.
وكذلك هو ... والشواهد تلوح أمامنا.
من هنا أتيتُ يا أخانا الفهم الصحيح من تصرُّفات متأخريهم بل من ابن قاسم و أمثاله ممن تصرَّف في المدوَّنة بلا أمانةٍ علميّة فخلفٌ من بعده خلفٌ ورثوا كتابه.
الإضراب في كلامك يدل على أنك تعني بقولك إمامهم الشهير وعمدة مذهبهم ... فإن صدق ظني فهي باقعة أربأ بك أن تتفوه بها ... وما أراك إلا بؤت بإثم يحتاج لتوبة ... فافقه عني ما قلت هديت رشدك.
و قلتَ أحسنَ اللهُ إليكَ: وأخطأ الفاضل: في تنزيله آية جاءت في المدافعين عن الكافرين والمشركين فأنزلها على من يذب عن أعراض بعض علماء الأمة الإسلامية.
حقًّا؟، يخفاكَ بأنَّ العبرَةَ بعموم اللَّفظ لا بخصوص السَّببِ؟!!!
ما خفي علي هذا بفضل الله ... ولكن خفي عليك أن اللفظ لا يتناولهم أصلا ... فكيف يدخلون في عمومه ... ؟ فهل تسوي بين من يذب عن عرض بعض علماء الأمة ... وبين من يجادل عن قوم كافرين منافقين؟
إلاَّ أن تذكرَ لي شيئًا لا يخصُّ إلاَّ الكفارَ حمَّلتُهُ مسلمين!!!
ثمّ قال سدَّدَهُ اللهُ:
و هنا سؤال: هل مالك من سلف الأمّة أم من خلفها على رأي أخينا محمد ... ؟
أقول أوَّلاً: لم تتبيَّن لي مناسبةُ هذا السؤال!
تدعونا لاتباع سلف الأمة ... فهل مالك منهم أم لا؟
ثانيًا: كلَّما سألني سائِلٌ هذا السؤال أجد قرع كلمةِ الإمام الذهبيّ في الإمام: "إذا ذُكِر العلماء فمالكٌ النَّجمُ " و من علمَ سيرَ العلماء و طبيعة العلم و أنَّهُ عطاءٌ من اللهِ و هبةٌ علمَ أنَّ فوقَ كلِّ ذي علمٍ عليمٌ.
هذه ليست محل شك ... وكلمة ابن مالك النحوي أصرح منها وأوضح ... أنا عليها أسير.
ثمَّ بربِّكَ أتَعلَمُ إمامًا فاقَ مالكً في العلمِ؟ فإنْ كان نعم، فما استفدتَ؟!!!.
ليس الشأن في أعلم أو أعلم مِن ... الشأن في حفظ علمه وتصحيحه وتنقيحه ... ثم قل هذا الكلام لمن يحملك على قول مالك ... وهذا لستُ منه بسبيل فتفطن رعاك الله.
هذا هو واقعُ المتملِّكة في المغربِ. لما استفاقوا من نومهم الرهيب وجدوا النَّاس تتَّهمهم بالتأخر المخيف عن ركب المذاهب الأخرى ما وجدوا ما يدفعون به سوى الإستضلال بضلِّ مجهودات المذاهب الأخرى فصرخوا بشنشنةٍ ". . . تريدون السوءَ بالمذهبيَّةِ. . . إنكم لا تفقهون حقيقة الفقه. . . تزعمون الأخذ بالدَّليل. . . يستحيل التَّفقُّه دون تمذهب. . . ".
هذا واقع كل المسلمين على وجه البسيطة ... فلم تخص به ناحية من الأرض دون أخرى؟
ثمَّ يأتي بعضهم و هو لمْ يشمَّ المالكيَّة إلاَّ بعدَ ما غذِّيَ شعوبيَّةً و التراثَ الوطنيّ فلما وصلوا بالمسكين لدينِهِ قالوا لهُ أنتَ مالكيٌّ و انحو نحوه .. !!
ثمَّ درسَ المسكينُ في الجامعات بعُجَرِها و بجرِها ثمَّ يقال لهُ أنتَ مالكِيٌّ لا تنس فينوِّموهُ و تُغتال نفسُهُ بمواضيعَ لا حاجةَ للأمَّةِ فيها. و إن كانت، فقد قضى عليها العلماءُ بحقٍّ بأسطُرٍ معدودةٍ و المسكينُ يجعلُهُ موضوعًا للدُّكتوراه يأكُلُ من عمُرِهِ أشهرًا بل قل سنينًا.
لا يعجز أحد عن نسبة ذلك لكل من في الأرض حتى للظاهرية ... وهم أكثر الناس نبذًا للمذهبية ... وأكثرهم دعوة لتقديم الأثر على الرأي.
ثمَّ لما غزت دعوة أهل الحديث عقر دارهم أقاموا في وجوهنا أولئك الأكاديميين المساكين ليذبُّوا عن سيادة المذهب المزعوم لأنَّهم شموا رائحَة المذهب الأصيل مذهب ذاك الإمام الَّذي قال: لا يصلح أمر هذه الأمَّة إلا بما صلح به أوّلها.
لعلهم إنما قاموا لأنهم وجدوا كثيرًا من الناس أداة لنشر مذهب آخر ... يعقبه ولاء سياسي ... وهيمنة ... الخ ... ثم لماذا تدعونهم لمذهب أهل الحديث في الفروع فقط القوم في حاجة لما هو أكبر من ذلك ... إنه الإسلام في عمومه وشموله ...
و اللهُ الهادي سواء السبيل، لا ربَّ سواه.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
¥