تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واني لأبصر من خلال بعض النصوص أيضا فأجد إيحاءات لها ارتباط بالمعنى ذاته، فمعلم الناس الخير تدعوا وتستغفر له الحيتان في البحار والنمل في الجحور ونصوص أخرى مشابهة لها، وكذلك

في وصف الله لنبيه في معرض كلامه عن الأنبياء في سورة الأنبياء انه قال ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) (الأنبياء:107) وكذلك ما ورد عنه أنهم عندما كانوا يمشون في ركب ولعنت امرأة دابتها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج دابتها واخبرها بعدم إمكانية سيرهم ومعهم شي ملعون، وقال ((لاتتبعنا دابة ملعونة)).

ولعلي أشير إلى الجواب هنا فأقول:

إن تعليم الخير إذا انتشر فسوف يعم بقاع الأرض كلها من شجر ودواب ومخلوقات أخرى في هذا الكون، وحقيقة التعليم هو إعطاء كل شيء حقه ومستحقه، وعندها لا ظلم لأي مخلوق على هذا الوجود أبدا، فله حقه الذي أعطاه الله وعنده حق للمخلوقين المودع عنده منه، وعندها تسير الحياة بمراد الله لا تظلمون ولا تظلمون، فحق للكون كله أن يدعوا ويستغفر لمعلم الناس الخير وهذا محض ما أودع الله فيهم من ذرات العبودية.

وهذا لمعلم الناس الخير، فكيف بنا بقدوة معلمي الناس الخير، وهذا محض قوله ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))

((فالعالمين)): اسم يشمل كل ما خلق الله في هذا الكون، وللسائل أن يسأل كيف تكون رحمة النبي للأرض وما فيها من بحار وأشجار وجراثيم وكائنات حية دقيقة ومخلوقات أخرى لايعلمها إلا هو،وكذلك السماء وما فيها من نجوم وكواكب وأجرام سماوية لايعلمها إلا هو؟

والجواب: لمحة مما سبق من القول ثم التمعن في كتاب الله جل في علاه متأصلا عندنا ما تأصل وتوصل إليه بديع الزمان النورسي رحمه الله "الجمع بين القران المنظور والمسطور" وعندها سندرك كيف أن نبينا المبجل أرسل رحمة للعالمين لا للعالمين.

ولمحة منه فان الأمم السابقة نظرت إلى الكون وما فيه على انه آلة يستخدم لإشباع الشهوات والنزوات فأهانته،وأمة نظرت إليه انه ملهاة عن الوصول إلى الله فترهبنت فأهملته،فضاع الكون بين الاهانة والإهمال.

أما كتابنا المسطور فأمرنا بالموازنة بينهما فنحن نستخدمه مع احترام النواميس التي أمرنا بها من غير إفراط ولا تفريط كوننا مأمورين باعتماره ((هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)) (هود: من الآية61) وبين أن نتأمل ونتفكر في هذا الكون من بديع صنع وعظيم خلق.

والآيات دلت على هذا المعنى، فالكون بأجزائه مرة يأتي ليستخدم ومرة يأتي للتفكر، ولا يمكن أن تقام حضارة بدون الجمع بين التسخير والتفكر. ثم الأمر نفسه محض إدراك لرحمة النبي للكون ومن فيه.

والدليل عليه أن من كان هذا شأنه وشأوه "عمل وتفكر" بعد عن الانحطاط وبكل ما احتوته هذه الكلمة من معنى، وفي جميع الأوساط والمؤسسات.

وعندها يسير الركب براحة عظيمة كما سار عليها الجيل الأول من اسطور للحضارة، فكانوا مضرب أمثال لمن خلفهم من الأجيال وغرة في جبين التأريخ والحضارات فكان بذلك حقاً"رحمة للعالمين".

وما أمر المرأة التي لعنت دابتها فأمرت بإخراجها إلا تعليما لها وإعطاء لحقوق من معها وحق الدابة التي لعنت فكان ذلك الزجر والتأديب درسا بليغا في غاية الأهمية.

وللأمر مشابه إذ رؤى من يضرب دابته بقسوة فقيل له:إن الله كتب الإحسان في كل شيء،وكذا بالرفق فان الرفق ما كان في شي إلا زانه وما رفع من شي إلا شانه.

ولقد عذبت امرأة في هرة حبستها لاهي أطعمتها ولاهي تركتها تأكل من حشائش الأرض، وعلى عكسها فقد دخلت امرأة بغي من بني إسرائيل الجنة بسقيها الكلب المشغوف الملهوف إلى الماء فغفر الله لها.

واني لأنظر إلى الأرض والحيوانات والأشجار وجميع النباتات لتشكو إلى الله صنيع بني الإنسان بمنعها القطر والرزق بسوء فعال من على الأرض "ولولا البهائم لم يمطروا" وقصة المذنب مع موسى في استسقائه مع قومه خير شاهد ودليل، قال تعالى)) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (((الأعراف:96) وقوله على لسان هود ((وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير